كيف بنيت قصراً في الفرشمن ثم هدمته في السفمور (تجربة طالب kfupm)

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخواني وأخواتي قراء هذا المنتدى القدير.

هذا الموضوع سأدوّن فيه تجربتي كطالب في هذه الجامعة العريقة منذ أيام المدرسة إلى الدخول للجامعة وصولاً للسنة الثالثة (السفمور) والتي حصل بها أمر لم أكن أتخيله أبداً, والهدف الرئيسي من هذا محاولة نفع طلاب الجامعة الجدد والمقبلين على الجامعة. وذلك لأنني لمّا كنت في عمرهم كنت أبحث عن أي تجارب وأستفدت من الكثير منها ولعل هذي تكون إضافة لما دوّن من سبقني, جزاهم الله خيراً. وسأقسم الموضوع لمحاور رئيسة ثم نقاط مهمة.

أيام الدراسة:

الهدف من ذكر هذه الأيام هي لبناء فكرة لديك عزيزي القارئ عن مستواي الدراسي وعلاقته بما سيحدث, وليس مدحاً للذات فهذا المعرف لا يعرفني فيه أحد اصلاً.
بشكل مختصر, كنت طالب من طبعي أني أحب التحدي وأقارن نفسي بالأخرين كثيراً ليس حسداً وإنما تحدي للنفس وللأخرين ولم يكن لدي هدف بالدراسة غير هذا, فلم أكن أحب الدراسة عينها بل الشعور الذي أحصل عليه عندما أكون أحد الأوائل في الصف. وهذا ماجعلني “من” الأوائل طوال سنين الدراسة وليس “الأول”, فلطالما كان هنالك الطالب الأول في الصف والذي يحب الدراسة عينها ولا يجد رغبة في التحدي وما شابه. وكانت فترة المرحلة المتوسطة فترة قرأت ورأيت فيها بالإنترنت عن الكثير من المبتعثين, فهذه الفترة كانت بعهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- والتي كانت مزدهرة بفرص الإبتعاث للدراسة في الخارج.

وكنت طوال هذه الفترة أحدث نفسي بالإبتعاث مما رأيت وسمعت من المبتعثين, وهذا ماجعلني أتعلم اللغة الإنجليزية من خلال مشاهدة المقاطع والقراءة عن عمداً أم غير عمد.
ثم لمّا دخلت المرحلة الثانوية, لاحظت تغير في شخصيتي فأصبحت لا أقارن نفسي بالأخرين كثيراً بل أصبح لدي نوع من الرضاء بالمستوى والتساهل مما جعل درجاتي تقل قليلاً لكن ولله الحمد والمنة تخرجت بموزونة عالية وفي عيني الإبتعاث, فماذا سيحدث وكيف تغير تفكيري 180 درجة من نيويورك إلى الظهران ؟

إلى KFUPM

لمّا تخرجت من الثانوية عام 2018, كان قد بدء العمل بالنظام الجديد للإبتعاث المنتهي بالتوظيف مما جعل رغبتي بالإبتعاث تتضاعف, ولكن كنت لا أعلم لأي جامعة ولأي مدينة ولا أي تخصص أسجل به فكل ماكان يهمني الهندسة (لأني أحب المواد العلمية) والإبتعاث.
فسجلت فيه وطُلب منا التسجيل في الجامعات المحلية إحتياطاً لأن إجراءت الإبتعاث تطول حتى نصف الترم الأول من العام الجديد, فوقع الإختيار على الجامعة “المؤقتة” KFUPM والتي لم أكن أعرف عنها قبل ذلك اليوم شيئاً أبداً.

قبلت بالجامعة ومررت بما يمر به أي طالب “أوريا” إلا أنني نظراً للغتي الإنجليزية الجيدة أجتزت إختبار التوفل ومواد الإنجليزي التحضيرية كلها ومن هنا بدأ بناء القصر الذي سيهدم قريباً, وأعني بالجبل هنا التحدي والرغبة بالدراسة والغرور بسبب تفوقي الدراسي بهذه الجامعة.

مر نصف الفصل الأول وكنت قد بدأت أتاقلم وأحببت هذه الجامعة للتحدي والتفرغ الدراسي بها, مما جعلني أترك الإبتعاث لهذه الأسباب ولأن الدراسة في بلاد غريبة ولوحدك أمر صعب جداً ففيها غربة ولم أكن أجد رغبة بذلك بعدما ذقت من متعة التحدي في هذه الجامعة (هذا وأنا مررت بأسهل مسار للأوريا).
أنتهيت من الفصل الأول وسجلت مواد الفرشمن في الأوريا وهكذا سبقت دفعتي بنصف ترم تقريباً, وهنا بدأ بناء القصر يعلو ويقارب على الإنتهاء إلا أنني صدمت بالواقع وهو أنني لم أحصل على أي مراتب الشرف الفصلية وهذا ماجعل رغبتي بالتحدي تفور كبركان كان هامداً.

فصل 191 “الفرشمن” البركان الثائر

قد تبدو التسمية غريبة ولكنها تصف حالي جيداً في هذا الفصل الذي أكتشفت فيه أنه لا مستحيل حقاً!! (في أغلب الأمور وليس كلها). بدأ الفصل وعيني لا تفارق 3.75 “مرتبة الشرف الأولى”, فهل حققتها يا ترى ؟
كان الفصل يحمل مادة أثقلت همي مما سمعت عنها وهي “وحش الجبل” المزعوم PHYS101 الذي أصبح “قط الجبل” في نهاية الترم ؟

كان الفصل هذا بتوفيق الله أجمل وأمتع فصل قضيته دراسياً, فكنت أتوقد حماساً وأدرس بجد وأشارك بنشاط النادي مما جعلني أعلم علم اليقين أن مسألة الدراسة بهذه الجامعة ليست مستحيلة وليست صناعة صواريخ أوعلم الذرة, كلها توفيق من الله ثم رغبة ثم فعل ثم تفوق دراسي, هكذا بكل بساطة.
كتبت موضوع به نصائح عن هذه المرحلة تحديدأ هنا رابطه. كتبت فيه التالي:
“أحد أخويائي كان مستواه C أو C+ في PHYS 101 ولكن في فترة الأختبارات النهائية قعد شهر كامل يذاكر وجاب 29/30 في PHYS101 وأخذ A.” الحقيقة أن هذا الخوي أنا ههههه, لم أرد أن أمدح نفسي لأن معرفي وقتها كان باسمي الشخصي.

سأذكر لكم خلاصة تجربتي مع هذه المادة تحديداً والمواد الأخرى, كنت بالبداية متساهل لكن حصلت على درجة 11/20 في أول ميجر للفيزياء ثم بدأت تصحيح المسار ولكن حصلت على 13/20 في الثاني إذا لم تخني الذاكرة, مما جعل فرصي في A+ تكاد تنعدم إلا أنني لازلت متمسكاً بالأمل, فكتبت في تلك الفترة رسالة لأحد الأعضاء اسأله فيها إذا كان بإمكاني تحقيق درجة 28/30 في النهائي املأ بتحقيق أفضل ما يمكن.

ولله الحمد قضيت تلك الفترة حوالي شهر في مبنى 76 مبنى “البتروليم” ومساجد السكن ساعات طوال من العصر حتى الليل واحيانأً من الفجر حتى الصباح كلها في حل أسئلة الإختبارات السابقة للفيزياء والرياضيات وهذا “الجهد” الذي كان دافعه “الرغبة” لاقى قبولاً وتوفيقاً من الله فنلت 29/30 في إختبار الفيزياء النهائي وهذا مما يظن أنه من شبه المستحيلات, ومن هنا أيقنت أنه مهما سمعت عن شيء فلا تثق إلا بالله وثم قدراتك وجهدك فلا مستحيل باذن الله.

ونلت درجات ممتازة في كل المواد ماعدا PE لغياباتي, وفي أخر الترم حصلت على معدل فصلي 3.74 فلم أحقق مرتبة الشرف الأولى رسمياً ولكن بقرارة نفسي كنت قد فعلتها ولله الحمد وهنا وصل القصر للقمة وأكتمل بناءه فما سيحدث له ؟

-الكورونا ؟

كان الترم 192 هو بداية تحول الجبل لركام من الصخور, فلم يقتصر الأمر على كورونا والدراسة عن بعد والتي أفقدتني الرغبة بالدراسة نظراً لأني لم أجد فيها طعم التحدي الذي أعتدت عليه, بل “زاد الطين بلة” جعل الدرجات بين النجاح أو الرسوب بدون علامات وهذا ماجعلني مثل الكثير لا أهتم بالدراسة. (وليس القرار خاطئاً بل قرار شجاع من الجامعة لإنقاذ درجات الطلاب)

زاد الأمر مع إستمرار الدراسة عن بعد فأتى ترم 201 وصار القصر ركاماً, وذلك الركام خلف وراءه تحذيراً من الجامعة بـ"إنهدام القصر" وهبوط المستوى الدراسي.

فأتى ترم 202 والذي كان بعنوان “أن أكون أو لا أكون” فظل الركام ركاماً ولم يكن له أن ينهض من جديد, فما الأسباب ومالفائدة من هذه التجربة ؟

الفوائد:

-الدراسة مثلها مثل جميع الأمور بالحياة تحتاج لتوفيق الله أولاً وأخيراً فأصلح نفسك مع الله تصلح أمورك وهذا ما مررت به شخصياً وشاهدته عيني وسمعته أذني.

-الرغبة بالدراسة تختلف من شخص لأخر, وأفضل رغبة هي حب الدراسة فهذه التي تبقى معك في كل الظروف عندما تختفي الرغبات الأخرى فأحرص على تكوينها بإختيار المجال الذي تحبه فعلاً ولهذا الكثير من الخبراء فأستفد منهم, ولكن لا بد أن الأغلب لديه رغبات أخرى كالوظيفة أو التحدي وهذه ليست بمشكلة بعينها ولكن لا تحصر نفسك عليها وحاول أن لا ترتبط بها كثيراً.

-كن واثقاً بأن لا مستحيل بإذن الله, فلما تجد بنفسك عزم على تحقيق شيء فلا تقل لا يمكن أو مستحيل, إلا إذا كان حقاً مستحيلاً مثل من يأخذ 5/20 في أول وثاني إختبار وثم يضع هدفه A+.

-لا تغتر بمستواك ولا تُحبط به, فلو كنت من المتوفقين لا تدع هذا يعطلك عن الإستمرار بالعطاء والجهد, ولو كنت محبطاً من مستواك فثق بأنك لست أقل من غيرك فكل طلاب الجامعة سواسية وقصص النجاح كثيرة وفيها فوائد يجب أن تقرأها.

هذه نهاية الموضوع إن أصبت فمن الله وإن أخطئت فمن نفسي أو الشيطان.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

2 Likes

تعديل: “وأعني بالقصر هنا…”

تعديل: “تحول القصر لركام…”

سبب التعديل: ليس خطأ مطبعي لكن بالبداية كنت سأسميه جبل ولكن لم أرد أن يتشابه مع مسمى “الجبل” المتعارف عليه في الجامعة فلما أكتب تحول لركام هذا فيه إساءة لهذا الصرح الذي يشهد الله أننا كطلاب أغلبنا يكن له التقدير والمحبة.

أريد أن أستغل فرصة هذا الموضوع لتذكيركم بالدعاء لإخواننا بفلسطين الذي يعانون يومياً من القصف المستمر والظلم

اللهم طهر فلسطين والمسجد الأقصى من دنس اليهود واحفظ إخواننا المسلمين وأنصرهم على عدوهم يارب العالمين.

وهذا مقطع فديو فيه حملة لتغيير اسم إسرائيل لفلسطين في خرائط قوقل أرجو منكم المشاركة به ونشره:

https://www.youtube.com/watch?v=4QBe2hpFtbk

2 Likes

زين أنك مب مشرف اجل هههههه

مشكور اخوي جزيل الشكر على مشاركتك تجربتك
ويسعدني اقلك اني استفدت شخصيا من قراءتها

شكراً لك على مشاركة هذه التجربة وأجمل درس اتفقت معاك فيه هو:
“وأفضل رغبة هي حب الدراسة فهذه التي تبقى معك في كل الظروف”

كذا الحياة ما بين هدوء و عواصف