'اتحاد الطلَبَة

'اتحاد الطلَبَة (1)

هل يعلم الطالب في الجامعات السعودية أن من حقوق، وواجبات الطالب الجامعي أن يشترك في إدارة جامعته؟ لا أظن ذلك. فإنها فكرة جديدة بالنسبة إليهم، ولكنهاعتيقة بالنسبة لبقية العالم…
الحديث هنا عن ‘‘اتحاد الطلَبَة’’ يشبه الحديث عن ‘‘العمل النقابي’’، كلاهما يمتزج في المـُخيّلة بنكهة اليسار، أو بطعم الثورة. عندما يأتيني صوت الأخبار العالمية خافتاً، ألتقط من العمل النقابي كلمة ‘‘إضراب’’، ومن اتحاد الطّلبَة كلمة ‘‘مظاهرة’’. من بعيد، تبدو الاتحادات الطلابية في تجاربها المجاورة لنا كحواضن للتفريخ السياسي المُبكّر. ومن قريب، أنظر إلى اليمين قليلاً، عندما كان الطلبة الإيرانيون يتظاهرون في شوارع طهران في 16 يونيو الماضي، كُنا وقتها نتلقف أخبار خلية مكة المكرمة وأعضائها الأطفال. الأدلَجَة المبكرة موجودة لدينا أيضاً، لكنها تُمارس تحت الأرض، بهدوء. الإصلاحات المتوقعة تُخوّلني أن أتساءل، ماذا سيحدث اليوم لو أنشئ اتحاد للطلاب في جامعاتنا؟
الجامعة دولة صغيرة. فيها نُخب ثقافية، ومراكز قوى، ولها موازنة مالية، وهيئات، وشَعب من عامة الناس. والاتحاد الطلابي هو وسيلة ليشارك شعب الجامعة في إدارتها. يُرشِّح مجموعة من الطلاب أنفسهم عبر قوائم ويستقطبون أصوات الناخبين بمشروعاتهم التي يقترحونها. تجري الانتخابات الجامعية لتفوز إحدى القوائم ويصير مُرشحها اليافع ‘‘رئيس اتحاد الطلبة في الجامعة’’. ويتولى الاتحاد مسؤولياتٍ إدارية وتنفيذية ويشارك العمادة في صنع القرارات. هذا موجز الفكرة في صورتها الأصلية، حيث تبدو هذه الحلقة المثالية معزولة نسبياً عن تفاصيل ما يجري خارج الجامعة اجتماعياً وسياسياً، ومُفرَّغّة لتتولى تحويل هؤلاء الشباب إلى ‘‘مواطنين’’، يدركون المبادئ الأخلاقية لصنع القرار، يتعلمون آليات الحكم الصائب، ويفهمون ثنائية (الحق والواجب).

:thinking:

اتحاد الطلَبَة (2)

الاستيراد الرديء للفكرة من قِبَل دولٍ محكومة بديمقراطيات زائفة، يحوِّل اتحاد الطلبة إلى مجرد مُنسّق هامشي للأنشطة الثقافية ومُدبّر سِرّي للمظاهرات، لأن المعركة الموجودة خارج الجامعة ستنتـقل بكل ثقلها إلى الداخل، وستدفع بالحياة الجامعية في مستوييها التعليمي والتربوي - إن وُجِدا - إلى الظل. هكذا سيبدو استيراد آلياتٍ مثل’‘اتحاد الطلبة’’ بما تنطوي عليه من روحٍ ديمقراطية، استجلاباً للفوضى، الشغب، وبالطبع، للتسييس المُبكّر. ستكون الجامعة مكاناً مثالياً لاستقطاب الشباب لمصلحة تياراتٍ معينة. ومثالاً على ذلك نرى انتشار الأفكار الشيوعية في الجامعات العربية خلال عقدي الستينيات والسبعينيات. مع ملاحظة أن الاستقطاب يحدث مباشرة دون أن يمر هؤلاء الطلاب بمراحل تربية مبادئ المـُوَاطَنة. والنتيجة تكون بممارساتٍ سياسية ليس لها مبدأ أخلاقي، مواطنون بلا وطنية.

:thinking:

اتحاد الطلَبَة (3)

إن عبارة كانت تبدو لي أحادية الدلالة مثل ‘‘تسييس التعليم’’ اكتشفت أنها ليست كذلك. إنها متنوعة التطبيقات، مثل تنوع الأنظمة السياسية. في مقالة لـ’‘جون دبليو كوبر’’ من كتاب ‘‘بناء مجتمع من المواطنين’’ وجدته يُعرِّف تسييس التعليم الجامعي في أمريكا على أنهُ فرض ما يُسمـّى بـ’‘الصواب السياسي’’ في الجامعات، حيث تُـلزَم الجامعة بقبول فئات من عرقيات متنوعة، لا بسبب جدارتهم ولكن بهدف الحفاظ على التعددية، وحيث يمرر الأستاذة ذوي التوجه الليبرالي الفلسفي للطلاب المحافظين مبادئ فحواها أن المعايير والقيم شيء تقديري، وهو ما يؤدي في النهاية إلى انفصال التعليم سيكويولوجياً عن بقية المُجتمع. هذه النتيجة التي أرى أنها ‘‘مطلوبة’’ هي بالضبط ما يعُدُّه ‘‘كوبر’’ فساداً تعليمياً في أمريكا. لأنها لا تترك ما يحدث في الجامعة متوقفاً على ما يحدث في الشارع، بل تلقن الطلاب هذا الصّوَاب المقبل من أعلى. ما يصفهُ ‘‘كوبر’’ بأنهُ تعليمٌ مُسيّس هو بالضبط ما يعني تعليماً غير مُسيّس في أماكن أخرى. إذن هذا ‘‘التسييس’’ الذي يجب اجتنابه ليس واحداً، والسؤال عنه لا يصح أن يكون بصيغة واحدة، هل من الصواب عزل التعليم عمّا يجري في الشارع؟ بل السؤال هو: نعزلهم متى، وعن ماذا؟ وإذا كان الشارع معجوناً بالفوضى والتخبط، فالعزل يصبح وقتذاك إجراءً صحياً جداً.

هل طُلاب الجامعات في السعودية معزولون اليوم عمّا في الشارع أم لا؟

:thinking:

اتحاد الطلَبَة (4)

كيف أن الطالب معزول رسمياً وظاهرياً عن التسييس، ومتورط فيه بعنف باطنياً !!!
يحدث هذا في الجامعات بالتزامن مع توجيه موازناتها المالية إلى بنود غير تعليمية لا يطّلع عليها الطلبة ولا يعلم بها إلا الله وحده.
ويحدث هذا بينما يعجز الأساتذة عن تعليم طلابهم المبدأ الأخلاقي وحُرية الضمير.
ويحدث هذا بــينما يتبرع الأستاذة والطلاب بفتح قناة تصبُّ مجريات الشارع في الجامعة.
ويحدث هذا بينما هناك آلاف الموضوعات المُتعلقة بصلب الحياة الجامعية يمكن أن يُجمع عليها الجميع بلا استثناء، لكنها مُهملة ومُلقاة هناك في الخلف، لا يشتغل بها أحد فعلاً.

طلاب الجامعة مصلوبون على الحائط كصحيفة مدرسية يعلوها الغبار وتوشك على السقوط، قوّة معطلة تثير السخرية، أو تثير القلق.

:thinking: :thinking: :thinking: :thinking: :thinking: :thinking:

ماذا تعني

أنا لا أتفق معك في قولك:
“طلاب الجامعة مصلوبون على الحائط كصحيفة مدرسية يعلوها الغبار وتوشك على السقوط، قوّة معطلة تثير السخرية، أو تثير القلق.”
هل تستطيع شرح كلامك و هل هذا رأيك فعلا في رجال-طلاب- هذه الجامعة؟؟؟ :thinking:
أرجو أن تراجع نفسك و أن تفكر مرتين قبل أن تكتب كلامك في المرة القادمة, و شكرا لتفهمك.:slight_smile:

الاخ الفاهم
انما اردت بقولي ذاك ان اصف الحالة التهميشية للطلاب بشكل عام …ولك ان تسميها تورية اومجازلفظي.
وشكرالتفهمك يافاهم.

هاذا الواقع

لا نزعل منه

خل نحاول نغيره

مشكور على التوضيح

حلوة “مجاز لفظي” ;). لكن ألا ترى أن النوادي الطلابية و الأنشطة التي يقوم بها الطلاب تدل على دورهم الفعال و عدم تهميشهم في هذه الجامعة؟
و شكرا على الرد…

صدقت

لكن الموضوع انهم لا وزن لهم!!
بصراحه

الاخ/ الفاهم
ارجو ان تكون قد قرات الموضع بالكامل…وليس الاسطر الاخيرة منه. مرة اخرى الموضع اكبر من ان يناقش في المنتديات العامة.
اقرا ماكتبته في السطر الاول:

هل يعلم الطالب في الجامعات السعودية أن من حقوق، وواجبات الطالب الجامعي أن يشترك في إدارة جامعته؟

انا لم ارد بحديثي هذا ان اتكلم عن الشللية الموجودة في ادارة (بعض الاندية) …والتي هي بالطبع من حقوق الطالب الاساسية في اي جامعة عالمية او حتى اقليمية (محلية). وانما الحديث يشكل اوسع وبتفاصيل ادق.

اشكر لك اهتمامك وتجاوبك …