قصة طويـــــــــــلة
قصة من واقع الجامعة أهديها لكل الزملاء الذين تشرفوا بالانتماء لهذا الكيان العملاق
محبكم أبو علي
\*\* ربما ليست هي المرة الأولى التي أحس أن جامعتي متآمرة ضدي دون الآخرين، ولكن بالتأكيد هي المرة الأولى التي أستسلم فيها للأمر الواقع.....
لو استطعت حل واجب الــ ME فبالتأكيد لن أستطيع مذاكرة كويز الـــ MATH 260 وفي كلتا الحالتين لن يتبقى من الليل إلا القليل: لو نمت فيها ضاعت محاضرة الساعة السابعة ولو واصلت فلن أستطيع حضور معمل الـــ CHEM… كل هذه الخواطر دارت برأسي وأنا أتعجب من سرعة ذهاب الوقت كأننا لسنا على أبواب الشتاء المؤلم في جامعتنا خصوصا عندما يكون الماء الساخن غائبا عن اللاين الذي أسكن فيه فألجأ للاين مجاور!!! !!! أو أقف بانتظار الباص فيأتي ممتلئا ولم يبق على المحاضرة إلا ثمان دقائق علي أن أصعد فيها الجبل متحملا مشقة الصعود ولفح الزمهرير…
عدت لصوابي وانتبهت أن البداية في واجب الـــ ME أفضل من السرحان والتفكير في فصل قد لا يأتي أبدا، والبحر يستلقي بجانبنا…
بدأت بالحل فوجدت نفسي مضطرا لقراءة الدرس من جديد…
ببساطة فشلت بعد أن حاولت في المسألة…نعم فشلت، أليس جوابا مقنعا …
استلقيت على الفراش وسرحت في التفكير في إجازة رمضان، متى تأتي ؟؟؟ كم يوم ؟؟؟ كيف سأذهب لأهلي ؟؟؟ التذكرة غالية رغم التخفيض!! إذن لا بد من الاقتصاد في راتب الشهر القادم… كأن صوت الوالد ينبهني قائلا : يا ولدي راتبي ما يكفيني… كيف أرسل لك كل شهر؟؟؟ ، شد حيلك وتخرج أنا وإخوانك وأمك نحتاج ورق…
حركتني كلمة الوالد فعدت أنقذ ما يمكن إنقاذه، أحاول في الماث…أي علامة ممكنة هي أفضل من الزيرو… كل كورسات الماث هكذا: كوم والمواد الثانية كوم ثاني…أيضا اصطدمت بدرس لم أستوعبه جيدا…آآآه نسيت أن أطلب من أحد الزملاء أن يشرحه لأن المدرس لا يحسن الشرح.
لماذا لا أذهب لصالح في غرفته، صالح يسهر دائما وغالبا ما أجده مستيقظا، خرجت من الغرفة في ظلام أسود إلا من أطياف نور…قهقهات وضحك وطرب من إحدى الغرف، لا بد أن هؤلاء المستجدين لم يكتووا بنار الجامعة بعد…واصلت السير نحو غرفة صالح مارا بمواقف امتلأت عن آخرها أتجاوز السيارات المستظلة بسقف أسود لا يغني عنها من الشمس شيئا. طرقت باب غرفة صالح عدة مرات دون جواب، طرقت للمرة الأخيرة بقوة أكبر…فانفتح الباب:-
- صالح صاحي ؟؟؟؟
- من صالح !!!!!!
- صالح موجود !!!!!
- يا خي هذي ما هي بغرفة صالح !؟!؟!؟!؟!؟!
- آسف على الإزعاج…
- وش أسوي في اعتذارك عقب ما صحيتني…
اتجهت إلى غرفتي مباشرة أردد في نفسي…كل مشاكل الجامعة لها حل إلا النذالة…كيف ينقل ولا يخبرني؟؟؟؟؟!!، يا ضياعة العشرة والمعرفة !!!!!
استلقيت للمرة الثانية مستسلما ولم يسعفني النوم…
أرقت وأصحابي خليون نوم وما أنا ذو ثأر ولا أنا مغرم
لا فائدة لا واجب أنجزنا ولا كويز ذاكرنا والله يــخارجنا بكرة
على البعد سمعت همسا شدني وأنا أستدعي النوم، بدأ من جهة واحدة ثم ازدادت الجهات، نهضت رغم الإعياء الجسدي والنفسي…
خمس دقائق وأنا جاهز… اخترت الأقرب منها، دخلت وأديت التحية…أخرجت المسبحة ثم قرأت ما تيسر…قمت بعدها وانتظمت في أبدع صف مستقيم بدون مسطرة. …لم تأخذ أكثر من عشر دقائق ابتعدت فيها عن الهم عشر خطوات…وأكثر
أحسست بعدها براحة ولذة عجيبة لا أعرف مصدرها
أحسست بثقة وطمأنينة رغم المشاغل والهموم
أحسست بقوة مع سكينة مفاجئة كأني أكتشف شيئا لم أسبق إليه
في تلك اللحظة دون تأخير قررت أن تكون بدايتي كل يوم من نفس محطة الانطلاق…
تمت
محبكم أبو علي