أحزنني والله ما امتلأ به المنتدى من الانتقاد اللاذع والكلمات الجارحة وتهويل الأمور الصغار مع التناسي والتغاض التام عن إنجازات ونجاحات وخدمات: في مركز التوجيه والإرشاد.
وأحزنني أكثر: تعمد التجريح في أشخاص نحسبهم -والله حسيبهم- من المخلصين في أعمالهم ومن أهل التفاني فيها.
ألا مهما يكن سبب التجريح وهدفه، ومهما تكن مقاصد الجراحين -سامحهم الله وطهر قلوبهم- فإني أهدي إليهم جميعاً كلمات من ذهب تفوه بها بالأمس فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن الهوساوي أسأل الله أن يبارك في أعماله وجهوده، وإليكم الكلمات:
"فمن علامات النقد البناء التجردُ والإخلاص، أي التجردُ من الأهواء والمقاصد الشخصية، والبحثُ عن الحق والصواب، وهذا لا يتأتى إلا في إطار الأخوة الإسلامية ومراقبة الله، وعدم الكذب والافتراء، لذلك ينبغي أن لا ينتقد الإنسانُ إذا كان بينه وبين المنقود عداوة أو سوء فهم، حتى لا يلتبس الانتصار للحق بالانتصار للنفس، وهذا مزلق قدم، فكم من إنسان زُين له سُوء عمله فرآه حسناً، فظن أنه ينتصر للحق ويدافع عنه، وهو في الحقيقة إنما ينتصر لنفسه ويدافع عنها، أو ينتقم ويصفى حسابات سابقة، وهناك مقصد خفي، هو من أدق المقاصد الخبيثة، حيث ينتقدُ الناقدُ غيرَه بقصد تزكيةِ نفسه ومدحها، فيكون قد احتقر المنقودَ وذمه بطريق غير مباشر، ألا فلننتبه لمقاصدنا وغاياتنا، ولنتجرد من حظوظ أنفسنا.
وفي النقد البناء يكون مقصدُ الناقد تكميلَ النقص وتتميمَ العمل، لذلك يكون تركيز الناقد على العمل لا العامل، ويحرصُ على عدم جرح المنقود، بل في كثير من الأحيان يُثني على شخصه وعلى أعماله الناجحة، ومن ثم يبين جوانبَ النقص التي تحتاج إلى علاج وتحسين، بخلاف النقد الهدام يكون التركيز على العامل، ويحرص على استخدام الكلمات الجارحة واللاذعة، بل أحياناً يقلب حسناته وإنجازاته إلى سيئاتِ وعيوب، على طريقة قوم لوط، قال تعالى{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}، وهذا مسلك اللئام، وصدق طريح بن إسماعيل في وصفهم:
إن يعلموا الخير يخفوه، وإن علموا ***شراً أُذيع، وإن لم يعلموا كذبوا
وقال الآخر:
إن يسمعوا سُبَّة طاروا بها فرحاً *** عني وإن يسمعوا من صالح دفنوا
وفي النقد البناء يلتزم الناقد بالموضوعية والإنصاف في الحكم على المواقف والأعمال والأشخاص-إن اضطر- ويبتعد عن التعميم والمبالغات، فالموضوعية تقتضي التوازن في ذكر المحاسن والمساوئ،
وأما في النقد الهدام فالناقد يلغي الظاهر الواضح أو يتغافل عنه ويبحث عن السرائر والخفايا، ويشكك في المقاصد والنوايا، ويسيء الظن، ويتكلف بل يتعسف في التفسير، لذلك ينبغي للإنسان أن يحرص على الصراحة والشفافية ليتجنب هذا الصنفَ من الناس، من أهلِ الشكِ وسوءِ الظن." انتهى ما أردت نقله. والخطبة موجودة بكاملها -ضمن جميع خطب الشيخ الهوساوي- في موقعه لمن أراد الاستزادة.
قارئي الكريم: سأدعو وقل آمين:
اللهم أصلح شباب المسلمين، وأصلح ذات بينهم، واهدهم سبل السلام، وجنبهم نزغات الشيطان، وارفع شأن الأمة بهم: أنت على كل شيء قدير.