ما الذي يحدث؟ وكيف باتت عقول بعض شبابنا (فتية وفتيات) على هذا المستوى من الحفنة و"الاندفاع"، بل والطيش احيانا بحيث تجد منهم من يتسابق الى مكان عام للفرجة، والاثارة، استجابة لرسالة عبر الهواتف المتنقلة، او نداءات يطلقها من يطلقها عبر موقع إلكتروني؟ ولماذا اصبح الصوت (الشاب) السعودي حاضرا (بتوقيت السعودية) عبر (كل القنوات الفضائحية، فتشاهد (هنا) من يتغنى بجمال “المذيعة” المكشوفة النحر، والأرداف، وتسمع وترى (هناك) (فتى) منغمسا في جدل فقهي يخطيء فيه (الكهول) في مقاصد الشريعة، وقواعد الولاء، والبراء؟ والمشكلة أن هؤلاء لا يعيشون في كوكب آخر… بل معنا… وبيننا… وهم نتاج مجتمعنا، ولأننا كلنا على هذا المركب… فمن يكشف لنا الأسباب، ويحلل العقد الثقافية، ويقترح الحلول؟
هل نلوم أنفسنا (أفرادا، ومجتمعا)؟ أم نلوم جامعاتنا، ومراكز البحوث التابعة لها؟ وإذا كنا معاشر (الدكاترة) في الجامعة لا نقبل أن نلام… فمن نلوم؟ ومن نسأل عن دواعي تغييب دور الجامعة في خدمة المجتمع… واعني بذلك اسباب عدم تفعيل دور الجامعة السعودية في مجالات البحث، والتحليل (المواكب) لمختلف الظواهر الاجتماعية السلبية التي تكاد تعصف بشبابنا… من الذي جعل دور الجامعة في خدمة المجتمع مقتصرا على عقد دورات السكرتارية، وتحسين كتابة الخط العربي؟ ولماذا انشغل اغلب “اساتذة” الجامعة الباحثين في مسائل “التعقيب”، و"مطاردة" أرقام معاملة “منحة” ارض لم تظلها سماء بعد؟
ومرارة مثل هذه الاسئلة… يبيحها دفاعها المنطلق من مرارة الواقع من حولنا… واما لماذا الجامعة… فلأن النظرة الاجتماعية لها مازالت تعتبرها المنبر الاول، و(المعقل) الاخير لصوت العقل المسؤول الذي يرصد، ويحلل مختلف الظواهر، ويشير الى مكامن العلل في المجتمع، وبالتالي يرشد القرار الرسمي، ويوجه حركة المجتمع. ويشفع لمثلى ممن يلوم هنا…، طبيعة الدور (التنظيمي) المناط بالجامعات في مجال البحث العلمي كركيزة اساس وراء انشاء هذه المؤسسات العلمية، واشير هنا نصا الى الفقرة (ج) من المادة الثانية من اللائحة الموحدة للبحث العلمي في الجامعات التي تنص على ان المؤمل من الجامعة هو “تقديم المشورة العلمية، وتطوير الحلول العلمية، والعملية للمشكلات التي تواجه المجتمع من خلال الابحاث والدراسات” وتضيف اللائحة وظيفة اكثر اهمية للجامعة في عصر المعلومات وهي “نقل وتوطين التقنية الحديثة، والمشاركة في تطويرها، وتطويعها لتلائم الظروف المحلية لخدمة اغراض التنمية” وبالتالي “ربط البحث العلمي بأهداف الجامعة وخطط التنمية، والبعد عن الازدواجية والتكرار والافادة من الدراسات السابقة”.
اكاد اجزم بأنك ستصاب بالذهول حين تراجع سجلات البحث العلمي المدعم من الجامعات، ويكفي ان تلقي نظرة (خاطفة) على عناوين الابحاث في اكبر الجامعات السعودية لتجدها في معظمها تدور في مجالات بحثية “ضيقة” لا تتعدى هموم الباحث فيها تسجيل “وحدة” بحثية لاغراض الترقية العلمية “الشخصية”، يكاد يغيب الهم الاجتماعي للظاهرة، او المشكلة البحثية. ولن اورد ادلة هنا لاني اجد نفسي في قفص الاتهام… كما ان اسماء ومواضيع البحوث المدعمة من الجامعات، موجود على مواقع الكترونية للجامعات على شبكة الانترنت لمن اراد ان (يتألم). اعلم كما تعلمون بان هناك من يقول بأن الميزانية المخصصة لا تتناسب ومكانة البحث العلمي، ودوره في تطوير المجتمع، ولكن المشكلة ان ما هو مخصص من موارد مالية (على قلتها) لا يوجه بشكل مرشد الى ما يخدم المجتمع، او يسهم في بحث، وتقديم مقترحات علاج الظواهر المجتمعية السلبية التي تتنامى كل يوم.
وبعد… كيف يمكن تشجيع المؤسسات الرسمية للالتجاء للجامعة بشكل اكبر لمساعدتها في دراسة، ورصد الظواهر الاجتماعية، وهل يمكن ان ينتشل الاستاذ الجامعي من (وهدة) همومه “الشخصية” ليتفرغ لما اعد له؟ يعاد ترتيب الاوليات البحثية، وربط الدعم المالي لنسبة معينة من البحوث بحاجات المجتمع، وسبل تطويره، ترى… من يستمع؟ بل من يجيب؟.
***مسارات***
صاح المدير في اعوانه: ياجماعية هذه ظاهرة اجتماعية خطيرة، كيف يمكن ان نحد منها، فانبرى من آخر القاعة مساعده لشؤون البحث العلمي قائلا: بسيطة ياسعادة المدير… “نشكل لجنة”.
للمراسلة: FA@fayez.net
==============
رد - تعليق - طباعة
رد: انتخاب مدير الجامعة كتبه: سليمان البراهيم 2/11/2003 م - 10:51 م
اشكرك , فقد فتحت فوهة بركان خامد
عندما ننظر الى جامعتنا باستثناء جامعة البترول والمعادل وبعض الاقسام فى جامعة الملك سعود. لا تخرج عن قطبين متجاذبين لمصالح فردية, طلاب الجامعات يدرسون للوظيفه فقط ولو تركتهم بدون متابعة لم يحضر احد عدا ايام الاختبارات . لم ياتون للعلم وهذا متفق عليه فى جميع الامم المتقدمه و المستعدة للتقدم لذلك طريقة التدريس تغيرت فى اغلب الجامعات و اصبحت لا تنظر الى حضور وغياب بل عمل و نشاط فاصبح الطالب مشغول ذهنه و وقته فى كثرة التكاليف مما لا يجعل مجال للتفكير فى امور اخرى. و فى نفس الوقت تقدم الجامعة وظائف بالساعات للطلاب لكي يساعدون الدكاترة فى متابعة وتصحيح هذا الكم الهائل من التكاليف الطلابية.
القطب الثاني الدكاترة اناس مهمشين فى لجان التخاذ القرار فى الدولة تجد ان لجنة التخطيط العمران لمدينة الرياض مثلا لا يوجد اي دكتور متخصص فى هذا المجال . و تجد لجنة التطوير لمشروع او خطة وطنية معينه خمسة وعشرين فى المئة من الاعضاء هم فى الحقيقة رؤساء اتو ليملون قرارات على هذه الجان و لياخوا نصيبهم من البدلات و البقية صغار الموظفين و المطاوعين و الربع الاخير اجانب يسمون خبراء و انا اسميهم خرباء دار.
الدكتور يا اخي فى الجامعة السعودية لا يعطي لانه مشغول فى تكوين حياته الشخصية لان دراسة العليا كان واجب وليست خيار علمي و عدم اكملها يعني فشل. وبعد اكملها يعني نوم و تجارة فالبال مشغول فى كسب الرزق الحلال . لان المجتمع ينظر الى الكتور بطريقة تجعله يلبس ثوب اكبر من مقاسة فتجده يعيش فى مجتمعه القريب و البعيد والكل يقول ياخي انت دكتور وشفيك بخيل و شفيك لابس كذا ليش بيك شقة . مما يجعله يركض ويركض الى الهاوية و يبحث عن من يعطيه الاستقرار المالي حتى يتفرغ للبحوث و بناء البلاد و تمثيل اولاء للدولة بالعمل العلمي.
اخي كيف تريد ان تتطور قطاع التعليم العالي و انت تشاهد اشخاص مكثو طول اعمارهم مشرفين على هذا القطاع وكانه مكتوب فى القرآن الكريم وقف لفلان و فلان . اذا القطاع من كبار المشرفين عقيم كيف تريد للاتباع الاخلاص . انظر الى جميع وكلات الوزارة و البيئة المحيطة فى انظر الى الجامعات . من يعين مدراء الجامعات هل هو انتخاب لا هي وظيفه يحصل عليه من خلال العمل و تشبيك العلاقات فى وزارة العليم العالي , و يرفع بالاسم وياتي الاعتماد من المقام السامي بناء على الثقة المخولة للوزارة .
لو بحثت فى جامعات الهند الى جامعات المانيا و كليفورنيا لوجد ان الانتخاب فى الجامعات انسب حل لتوجية الجامعات الى ان تكون فعاله و ناجحه .
=====================================
- رد - تعليق - طباعة
تعليق: حين تُختزل الإرادة في الحروف , فلا تتعجبكتبه: محمد الفارس 3/11/2003 م - 6:23 ص
اُستاذي الكريم د/ فايز .
لا أعتقد بأن من الصعوبة إكتشاف مكمن الخلل , ويكفي أن يتم تناول مقالك كموضوع ومشكلة لدراسة علمية كي يرتفع الستار غير الحاجب ( الشفاف ) عما نحاول وفي كثير من نقاشاتنا تجاهله .
قارن بين جامعة الملك فهد للبترول والمعادن من حيث النظام وآليات العمل ومستوى الإلتزام بهما وبين غيرها من جامعاتنا الموقرة , لترى بوضوح حجم الهوة والتي بدورها تميز بين الخريجين .
1_ ((( الواسطة والمحسوبيات )))
وهي بحق ما تُعتبر أفيون التقدم .
فالأستاذ الجامعي حين يرى بأن الإرتقاء وظيفياً لا يتم بغير العلاقات الشخصية والمحسوبيات وليس بمدى ما يُنتجه _ مادياً ومعنوياً _ فإنه بلا شك لا يلام .
2_ ((( ضحالة التأسيس )))
حين يصطدم الإستاذ الجامعي بالمستوى المتردي لطلبته ويُُحِس بأنه معلم في مدرسة متوسطة , فإنه بلا شك لا يلام .
ماسبق _ 1 + 2 _ خطوط موغِلة في العمومية , ويحتاج الحديث فيها تفصيلاً لزمن طويل جداً . ولكن المهم وما شدني كثيراً هو قولك : << اكاد اجزم بأنك ستصاب بالذهول حين تراجع سجلات البحث العلمي المدعم من الجامعات، ويكفي ان تلقي نظرة (خاطفة) على عناوين الابحاث في اكبر الجامعات السعودية لتجدها في معظمها تدور في مجالات بحثية “ضيقة” لا تتعدى هموم الباحث فيها تسجيل “وحدة” بحثية لاغراض الترقية العلمية “الشخصية” >> .
بعد أن وصلت التناهيد أقصى الأفق وعادة بلا صدى أقول :
ليت الأمر يتوقف عند العناوين , ففي المضامين ما يجعل الإحباط سِمة .
كما وأن في إجازة الرسائل عجب , فالنزر اليسير منها فقط هو ما يستحق التصفح , ولك من ذاك النزر نزر كي تتمكن من إعتماد دراسات سابقة …
قالوا لنا بأن العلم تراكمي ولا يجوز أن تُعيد الدراسة في موضوعٍ دُرِس , فكيف يستقيم الحال ياترى !!!!
أخيراً ,
مراكز الأبحاث لن تخرج بمادة إذا كان همّ المُكلف محصوراً في المادة .
فلا أعتقد بأن الكثير الكثير الكثير من الأبحاث تستحق ربع ما رُصِد لها , وهنا فقط لا أعلم من يلام !!!
(-:
ربما تحدثت طويلاً ولم اراعي الربط بين القضايا بإحكام , فأعتذر بشدة .
تخرجت حديثاً من الجامعة *** قسم علم الإجتماع , وبصدق وعلى الرغم الدرجة الجيدة , لا أعتبر نفسي حاملاً للمادة العلمية المُتوقعة مقارنة بمن نالوها في أماكن اُخرى … والإيمان راسخ بأن المسؤولية تقع على عاتقي في الإرتقاء بمستواي علمياً من حيث طلب العلم بالطرق التقليدية جداً .