هيا بنا الى مقاهي الشيشة!!!

اخواني اعضاء المنتدى…

اطرح هنا هذا الموضوع الخطير والهام جدا في حياتنا كمسلمين وشباب وطلاب في نفس الوقت…

سؤال: لماذا تكتتظ مقاهي الخبر والعزيزية بطلاب الجامعة وغيرهم؟؟!!

جواب: نسبة كبيرة منهم يذهبون لمشاهدة المباريات المشفرة (جميع المباريات مشفرة هذه السنة)…

وهذه الحقيقة لا احد ينكرها… فشباب هذا البلد لم يعرفوا مقاهي الشيشة بهذا الشكل الا بعد تشفير مباريات المنتخب السعودي في البطولات الخارجية وبعض مباريات الاندية سواء السعودية او العالمية…

وكلنا نعلم مدى حب و فتنة الكثير من شبابنا بالرياضة وبمتابعة المباريات وهذا ليس فيه اي مشكلة من ناحية الشرع والدين اذا لم يكن فيه اضاعة للصلوات او ارتكاب المحرمات…

ويبقى السؤال… ماهو البديل المناسب لتلك المقاهي الفاسدة…

والجواب هو توفير اماكن آمنة ومجهزة لاستقبال الشباب ليشاهدوا فيها هذه المباريات بعيدا عن ادخنة الشيشة والمعسل والجراك…

في جامعتنا لماذا لانوفر تلك الاماكن…

اترك هذا الموضوع للنقاش واطلب من الاخوان طرح ارائهم…

هل نترك الشباب للمقاهي…

ام هل تتبناهم الجامعة؟؟

تحياتي للجميع,

البديل…

أخي السامي

… قال تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)

… أنا من أشد المطالبين بانتشال شبابنا وصفوة مجتمعنا من هذه الأوكار … ولكن ليس البديل هو توفير هذه الأماكن… فإضاعة أوقات شبابنا في مثل المباريات أمر لا يخفى على عاقل… فكيف بمن كان مسلماً يعلم قيمة وقته …

… وليتذكر كل من شغفته (القهاوي) و(المباريات) (والشيشة) أنه سيسأل يوم القيامة عن شبابه فيم أبلاه… وعن عمره فيم أفناه وقد صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم…

… ما هو البديل؟

لا شك أننا نطالب بإيجاد البرامج والأنشطة التي تملأ وقت الطالب … وتمده بالفائدة والترويح… لكن ليس بما يخالف شريعتنا…

… نقطة مهمة… فرق بين مزاولة الرياضة للترويح والصحة… وبين إضاعة الوقت في مشاهدة المباريات والتعلق باللاعبين والرياضيين وجعلهم قدوات لشبابنا…

… إلى من لا يرى أن في مشاهدة المباريات والقنوات الرياضية محذورا شرعياً… أقول:

   هلا أعطيت رسول الله\(الذي لا نشك بحبك له\) من وقتك مثل ماتعطي
   للرياضة.. تقرأ سيرته.. وتطبق أوامره.. وتعرف عن أخباره.. وتسأل عن
   سنته

الطلاب ما يروحون علشان المباريات بس…رح لاي قهوة وشف الطلاب فيها وبتعرف قصدي

الله يهدينا جميعا

مفاسد المنافسات الرياضية : أولاً: مقدمة البحث

أولا: مقدمة البحث:

1ـ تعريف السبْق والسبَق:

السبق لغة:

1ـ السبْق بسكون الموحَّدة مصدر سبَق يسبِق.

قال ابن فارس رحمه الله: “السين والباء والقاف يدل على أصل واحد صحيح، يدل على التقديم، يقال: سبَق يسبق سبقاً”([1]).

وقال ابن منظور رحمه الله: “السبق القدمة في الجري وفي كل شيء”([2]).

وقال الأزهري رحمه الله: “جاء الاستباق في كتاب الله في ثلاثة مواضع بمعان مختلفة: منها قوله عز وجل: {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} يوسف:17]، قال المفسرون: معناه ننتضل في الرمي، وقال عز وجل: {وَٱسُتَبَقَا ٱلْبَابَ} يوسف:25]، معناه: ابتدرا إلى الباب، تبادر كل واحد منهما إلى الباب… والثالث في قوله: {وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصّرٰطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ} يس:66]، معنى استباقهم مجاوزتهم إياه حتى يضلوا ولا يهتدوا، والاستباق في هذا الموضع من واحد، والوجهان الأولان من اثنين”([3]).

وقال رشيد رضا في قوله تعالى: {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ}: “أي: ذهبنا من مكان اجتماعنا إلى السباق يتكلف كل منا أن يسبق غيره… والاستباق تكلُّف السبق، وهو الغرض من المسابقة والتسابق، بصفة المشاركة التي يقصد بها الغلب، وقد يقصد لذاته أو لغرض آخر في السبق، ومنه: {فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ} المائدة:48]، فهذا يقصد به السبق لذاته لا للغلب، وقوله الآتي في السورة: {وَٱسُتَبَقَا ٱلْبَابَ} كان يقصد به يوسف الخروج من الدار هرباً… وصيغة المشاركة لا تؤدي هذا المعنى”([4]).

2 ـ وأما السبَق بفتح الموحَّدة فهو ما يبذل للسابق.

قال الخطابي: “هو ما يجعل للسابق من الجعل”([5]).

وقال ابن فارس: “هو الخطر الذي يأخذ السابق”([6]).

وقال البغوي: “هو المال المشروط للسابق على سبقه”([7]).

وقال ابن الأثير: “هو ما يجعل من المال رهناً على المسابقة”([8]).

وقال ابن حجر: “هو الرهن الذي يوضع للسبْق”([9]).

والسبْق شرعاً:

اختلفت عبارات الفقهاء في تعريفه على أقوال:

قال الكاساني: “هو أن يسابق الرجل صاحبه في الخيل أو الإبل ونحو ذلك، فيقول: إن سبقتك فكذا، وإن سبقتني فكذا”([10]).

وقال ابن قدامة: “السبق: المسابقة”([11]).

وقيل: هو المجاراة بين حيوان ونحوه([12]).

وقيل: هو عقد بين متعاقدين على عمل يعملونه لمعرفة الأحذق منهم فيه([13]).

2ـ مشروعية السبْق:

دل على مشروعية السبق الكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب: فقوله تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} الأنفال:60].

قال الجصاص رحمه الله: “وهذا يدل على أن جميع ما يقوي على العدو فهو مأمور بإعداده”([14]).

وقوله تعالى: {وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً} التوبة:46]، فذمهم على ترك الاستعداد قبل لقاء العدو، والخروج إلى قتالهم، ومن الاستعداد له السباق([15]).

وقوله تعالى: {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَـٰعِنَا} يوسف:17].

قال ابن سعدي: “نستبق إما على الأقدام أو الرمي والنضال”([16]).

وأما السنة: فقد وردت في ذلك أحاديث كثيرة، منها:

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي أضمرت من الحفياء وأمدها ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق، وأن عبد الله بن عمر كان فيمن سابق بها([17]).

قال ابن حجر: “وفي الحديث مشروعية المسابقة، وأنه ليس من العبث، بل من الرياضة المحمودة الموصلة إلى تحصيل المقاصد في الغزو والانتفاع بها عند الحاجة”([18]).

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة تسمَّى العضباء لا تُسبق, فجاء أعرابي على قعود فسبقها, فشقَّ على المسلمين حتى عرفه، فقال: ((حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه))([19]).

قال ابن حجر: “في الحديث اتخاذ الإبل للركوب والمسابقة عليها”([20]).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فسابقته فسبته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال: ((هذه بتلك))([21]).

وأما الإجماع: فقد حكاه جمع من أهل العلم رحمهم الله، منهم: ابن عبد البر([22]) وابن حزم([23]) وابن هبيرة([24]) وابن قدامة([25]) والعراقي([26]) وغيرهم.

3ـ حكم بذل العِوَض في عقد السباق:

لا يخلو ذلك من حالات:

الحالة الأولى: أن يكون بذل العوض من الإمام، وهو أن يخرج الوالي جعلاً يجعله للفائز من المتسابقين([27]). ويصح هذا الإعطاء لما فيه من التحريض على تعلم الفروسية والرياضة، والاستعداد على الجهاد في سبيل الله، يدل على ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل وأعطى السابق([28]).

قال ابن تيمية رحمه الله: “فإذا أخرج ولي الأمر مالاً من بيت المال للمسابقين بالنشاب والخيل والإبل كان ذلك جائزاً باتفاق الأئمة”([29]).

الحالة الثانية: أن يكون بذل العوض من أجنبيٍّ وهو الخارج عن السباق، فهو ليس أحد المتسابقين، وصورة ذلك أن يقول ذلك الأجنبي: من سبق منكما فله من المال كذا. وهذا جائز باتفاق الأئمة أيضا([30]) لما فيه من الأسباب المساعدة على القوة في الجهاد، فصح بذل العوض منه، كما لو اشترى به سلاحاً أو خيلاً للجهاد في سبيل الله.

الحالة الثالثة: أن يكون بذل العوض من أحد المتسابقين، وصورة ذلك: أن يقول أحد المتسابقين للآخر: سابِقني، فإن سبقتني فلك مني كذا من المال مثلاً. وقد اختلف العلماء رحمهم الله في ذلك على قولين:

القول الأول: أن ذلك جائز، وهو مذهب الحنفية([31])، والشافعية([32])، والحنابلة([33])، ووجه عند المالكية([34]).

واستدلوا بما يلي: أنه إذا جاز بذله من غير المتسابقين، فأولى أن يجوز من بعضهم. ولأنه تحريض على الاستعداد لأسباب الجهاد بمال نفسه، وهذا جائز قياساً على التنفيل من الإمام بل أولى؛ لأن هذا يتصرف في مال نفسه، والإمام يتصرف في مال العامة. ولانتفاء شبهة القمار هنا.

القول الثاني: أنه لا يجوز، وهو رواية عن مالك([35])، واختارها البعلي من الحنابلة([36]).

قالوا: لأن ذلك من صور القمار المنهي عنه، فلا يجوز فعله.

الحالة الرابعة: بذل العوض من المتسابقين جميعاً. واختلف العلماء رحمهم الله في ذلك على أقوال:

القول الأول: ذهبت الحنفية([37]) وبعض المالكية([38]) والشافعية([39]) وأكثر الحنابلة([40]) إلى أن ذلك لا يجوز إلا أن يدخل في السباق محلِّل، فمن سبق فله الجعل، سواء كان المحلِّل أو غيره.

ومن أبرز أدلتهم ما يلي:

1ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أدخل فرساً بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فلا بأس، ومن أدخل فرساً بين فرسين وهو آمن أن يسبق فهو قمار))([41]).

2ـ وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل، وجعل بينهما سبقاً، وجعل بينهما محللاً، وقال: ((لا سبَق إلا في حافر أو نصل))([42]).

3ـ وقالوا: إنه بدون محلل يكون قمارا، وبالمحلل ينتفي القمار؛ لأن الثالث (المحلل) لا يغرم قطعاً ويقيناً، وإنما يحتمل أن يأخذ أو لا يأخذ، فخرج بذلك عن صورة القمار، فصار كما إذا شُرط من جانب واحد([43]).

القول الثاني: يجوز بذل العوض من المتسابقين بدون محلِّل. وهو اختيار ابن تيمية([44])، ونصره ابن القيم([45])، وهو قول كثير من متأخري الحنابلة([46]).

ومن أبرز أدلتهم ما يلي:

1ـ قوله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ} المائدة:1].

قال ابن القيم رحمه الله: “وهذا يقتضي الأمر بالوفاء لكل عقد إلا عقداً حرمه الله ورسوله أو أجمعت الأمة على تحريمه، وعقد الرهان من الجانبين ليس فيه شيء من ذلك، فالمتعاقدان مأموران بالوفاء به”([47]).

2ـ وعن ابن عباس قال: قالت قريش لأبي بكر: زعم صاحبك أن الروم ستغلب فارسا في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟! قال:بلى، فارتهن أبوبكر والمشركون، وتواضعوا على الرهان([48]).

3ـ وقالوا: إن الرهان جائز، ويدل على ذلك حديث أنس رضي الله عنه: لقد راهن رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس([49])، وحديث: ((لا جلب ولا جنب في الرهان))([50]). ففي الأول: مراهنة، وهو على وزن مفاعلة، والمفاعلة لا تكون إلا من طرفين، وفي الثاني: الرهان وهو على وزن الفعال، وهو يقتضي أن يكون من جانبين.

ووجه دلالة الأول هو عمل النبي صلى الله عليه وسلم، ووجه دلالة الثاني هو إبطال الرسول الجلب والجنب في عقد الرهان، ولم يبطل اشتراكهما في بذل السبق مع أن حكمه أهم من بيان الجلب والجنب.

4 ـ وبما ذكره ابن تيمية رحمه الله حيث قال: “ما علمت بين الصحابة خلافاً في عدم اشتراط المحلل”([51]).

القول الثالث: أنه لا يجوز بذل العوض من المتسابقين ولو أدخلا بينهما محلِّلاً، وهو قول أكثر المالكية([52]).

قال ابن عبد البر رحمه الله: “أما الوجه الذي لا يجوز إلا بالمحلِّل على ما ذكره الشافعي… فإنه لا يجوز عند مالك، ولا يعرف مالك المحلل”([53]).

ومما استدلوا به ما يلي:

1ـ قوله تعالى: {إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلأنصَابُ وَٱلأزْلاَمُ رِجْسٌ مّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَـٰنِ فَٱجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} المائدة:90]، قالوا: والميسر هو القمار، وفي بذل السبق من المتسابقين قمار؛ لأن كل واحد من المتسابقين يجوز أن يذهب ماله إلى صاحبه، ويجوز أن يستفيد مالَ صاحبه.

2ـ ما حكاه ابن جرير رحمه الله من الإجماع حيث قال: “اجتمعت الحجة التي لا يجوز عليها الخطأ فيما نقلته مجمعة عليه أن الميسر الذي حرمه الله هو القمار، وذلك ملاعبة الرجل صاحبه على أن من غلب منهما فللغالب أخذ من المغلوب قمرته التي جعلاها بينهما؛ كالمتصارعين يتصارعان، والراكبين يتراكبان، على أن من غلب منهما فللغالب على المغلوب كذا وكذا خطاراً وقماراً، فإن ذلك هو الميسر الذي حرمه الله تعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق))([54])”([55]).

3ـ وقالوا: إنه محرم أكل الجعل في صورة اشتراكهما في الإخراج، فدخول المحلل حيلة، فهو مثل المحلِّل في النكاح والعينة، وقد ثبت فيهما النهي، فكما أن المحلل في النكاح والعينة لا يبيحها فكذلك في السباق لا يبيحه.

القول الرابع: يجوز بذل العوض من المتسابقين بشرط وجود محلل، فإن سبق المحلل فالسبَق له، وإن سبق المخرجون للجعل فلا شيء لهم إلا ما أخرجوا، وبه قال بعض الشافعية([56]).

قالوا: إنه لا يجمع المتسابق بين دفعه للسبَق وبين ربحه مال صاحبه إذ هو قمار، ومن هنا فللمحلل أن يأخذ ما لهما إن سبق، وليس لأحدهما أن يأخذ مال صاحبه ولو سبق.

ثانيا: رياضة كرة القدم

1ـ تعريف موجز بهذه الرياضة:

أركان هذه اللعبة التي لا تتم إلا بها أربعة: المتنافسان وهما الفريقان المكونُ كلُّ واحدٍ منهما من أحد عشر لاعبا، والمكان وهو الميدان المستطيل، والأداة وهي الكرة، والحكام الثلاثة واحد في الوسط واثنان على جانبي الملعب.

يتنافس الفريقان من أجل تسجيل أكبر قدر ممكن من الأهداف في مرمى الخصم، والفائز ـ في عرفهم ـ من يصيب أهدافاً أكثر.

وتجري المباراة في شوطين يدوم كل واحد منهما خمسا وأربعين دقيقة، ويفصل بينهما استراحةٌ لمدة خمس عشرة دقيقة، هذا بالنسبة للكبار، أما درجة الشباب فأربعون دقيقة والأشبال خمس وثلاثون دقيقة.

2ـ تاريخ هذه الرياضة:

يرجع تاريخ ألعاب الكرة من حيث هي مبارياتٌ أو منافسات يشترك فيها فريقان أو طرفان يحاول كل منهما ركل الكرة أو دفعها أو حتى تحويلها في الاتجاه المضاد، إلى احتفالاتٍ كانت تجري في مصر وبعض الدول القديمة الأخرى.

ففي الصين ـ مثلاً ـ يحكي أحد الكتاب الصينيين عن مباراة لكرة القدم أقيمت عام 3000 قبل الميلاد، وذكروا أنهم في عام 5000 قبل الميلاد كانوا يلعبونها بكرات محشوة بالشعر. وعرفها الإغريق باسم (هاربستم)، ثم مارسها الرومان عبر الإمبراطورية الشاسعة التي امتدت على جميع أنحاء العالم المعروف آنذاك، وعن طريق روما انتقلت اللعبة إلى بلاد الإنجليز فسحرت الشعب الإنجليزي.

وفي أواخر القرن الثاني عشر الميلادي كانت مباريات كرة القدم تُجرى يوم (الثلاثاء المقدس)، وبعد عدة أعوام أصبح يوم الثلاثاء مهرجاناً لكرة القدم في إنجلترا تعطل فيه الدوائر الحكومية في إجازة يجتمع فيها المواطنون لمشاهدة البداية الرسمية للمباراة، حيث يقوم عمدة لندن بركل الكرة إيذاناً ببداية المقابلة.

ومن المدن التي اشتهرت بكرة الثلاثاء هذه، مدينة (شيستر) ويقال: إن احتفال الكرة كان يتم في هذا اليوم بالذات احتفالاً بمثيله عام 217م عندما تصدى الإنجليز بمدينة (شيستر) لطرد فيالق الرومان خارج مدينتهم.

وبالمناسبة فإن هناك قصة أخرى يقصد بها رواتها إرجاع أصل الكرة إلى الجزر البريطانية، تقول القصة: إن الدانماركيين احتلوا إنجلترا من عام 1016م إلى 1042م، وإن الإنجليز كافحوا لإجلائهم عن أراضيهم، وفي المعركة الحاسمة قطع الإنجليز رأس القائد الدانماركي وداسوه بأقدامهم كما لو كانت كرة، وصارت هذه الفعلة تقليداً قومياً يدل على الثأر والانتقام، ثم تحول الأمر مع الأيام إلى لعبة كرة القدم، ولهذا يميل بعض المؤرخين إلى اعتبار المدة من 1050م إلى 1075م هي فجر ظهور اللعبة([1]).

وفي منتصف القرن التاسع عشر تفرعت اللعبة، قسم يريد استخدام اليد وقسم آخر لا يريد، فأدى ذلك إلى ظهور لعبتين إحداهما كرة القدم السائدة اليوم، والثانية لعبة (الروجبي)، فاعتمدت المدن الإنجليزية أمثال: كمبردج وشفيلد ولندن وغيرها وضع قوانين لعبة كرة القدم([2]).

واليوم هناك أكثر من 130 دولة أعضاء في الاتحاد العالمي لفرق كرة القدم الذي تأسس في 21 أيّار عام 1904م بمدينة باريس تحت اسم (فيفا)([3])، وبرعايته وإشرافه أنشئت في 13 تموز عام 1930م مبارياتُ كأس العالم لكرة القدم، وذلك في (مونتفيديو) بالأوروغواي، وتجري هذه المنافسة مرة في كل أربع سنوات، وهناك بطولات أخرى تقام مثل بطولة (الكأس الأوروبية) التي تضاهي بطولة (كأس العالم)، وأنشئت هذه البطولة عام 1958م.

3ـ حكم ممارسة هذه الرياضة:

الأصل في الأشياء الإباحة، بل لا يبعد أن تكون من المستحبات إذا مارسها المسلم ليقوِّي بها بدنه، ويتخذها وسيلة لتكسبه النشاط والقوة، وقد رغب الشرع في تعاطي الأسباب المقوية للبدن لأجل الجهاد في سبيل الله، قال عليه الصلاة والسلام: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير))([4])، قال ابن تيمية رحمه الله: “ولعب الكرة إذا كان قصد صاحبه المنفعة للخيل والرجال بحيث يستعان بها على الكر والفر، والدخول والخروج ونحوه في الجهاد، وغرضه الاستعانة على الجهاد الذي أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو حسن، وإن كان في ذلك مضرة بالخيل والرجال فإنه ينهى عنه”([5]).

4ـ حكم بذل العوض في هذه الرياضة:

بذل العوض في المسابقة على الخيل والإبل والإصابة بالسهام جائز في الجملة باتفاق([6])، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا سبَق إلا في خف أو حافر أو نصل))([7]).

وأما البذل في المسابقة على غير ذلك فمنه ما اتفق العلماء على عدم جوازه، كإخراج السبَق في نفار الديوك ونطاح الكباش وكإخراجه في الصناعات المباحة قال ابن القيم: “لا يُعلم قائل بجوازه”([8])، ومنه ما اختُلف فيه كالرهان على ما فيه ظهور أعلام الإسلام وأدلته وبراهينه وعلى حفظ القرآن والحديث والفقه وغيره من العلوم النافعة وعلى الإصابة في المسائل وعلى العدْوِ والسباحة والمصارعة والمشابكة بالأيدي والغلبة بالرمح والسيف وشيل الأثقال والمسابقة بالسهام على بعد المسافة والمسابقة على البغال والحمير والبقر والفيلة وغير ذلك. وإنما جاز بل شُرع في الخف والحافر والنصل لأن جنس هذه الأمور الثلاثة يُعَدُّ للجهاد في سبيل الله تعالى بخلاف الأجناس الأخرى فإنها لم تعَدّ له.

وقد قسَّم ابن القيم المغالبات ثلاثةَ أقسام، وبيّن حكم كل قسم:

النوع الأول من المغالبات: ما فيه مصلحة راجحة، وهو متضمن لما يحبه الله ورسوله، معين عليه، مفضٍ إليه، كالمسابقة على الخيل والإبل والنضال. فهذا القسم محبوب مرضي لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وشرعه الله تعالى لعباده، وشرع لهم الأسباب التي تعين عليه وترشد إليه. وهذه المغالبات تُطلب من جهة العمل، ومن جهة أكل المال بهذا العمل الذي يحبه الله ورسوله، ومن الجهتين معا. وبذل العوض فيها جائز تحريضا للنفوس عليها، فإن النفس يصير لها داعيان: داعي الغلبة وداعي الكسب. وأكل المال بها أكلٌ بحق، ليس أكلا بباطل، وليست من القمار والميسر في شيء.

والمقصود أن كل مغالبة يستعان بها على الجهاد في سبيل الله تعالى تجوز بالعوض.

النوع الثاني من المغالبات: ما ليس فيه مضرة راجحة ولا هو أيضا متضمن لمصلحة راجحة يأمر الله بها ورسوله، كالمصارعة والعدو والسباحة وشيل الأثقال. فهذا القسم ليس بمحبوب لله تعالى ولا مسخوط له، فلا يحرم ولا يؤمر به. وقد رخَّص فيه الشارع بلا عوض إذ ليس فيه مفسدة راجحة، وللنفوس فيه استراحة وإجمام، وقد يكون مع القصد الحسن عملا صالحا، لكن يحرم أكل المال به، ليس لأن العمل فيه مفسدة في نفسه، بل لأن تجويز أكل المال به ذريعة إلى اشتغال النفوس به، واتخاذه مكسبا، لاسيما وهو من اللعب واللهو الخفيف على النفوس.

النوع الثالث من المغالبات: ما فيه مفسدة راجحة على منفعته، كالنرد والشطرنج. فهذا القسم مبغوض مسخوط لله ورسوله، موصل إلى ما يكرهه الله ورسوله. وهو حرام، وأكل المال به ميسر وقمار كيف كان وهذا باتفاق المسلمين، أما إن خلا من العوض فالجماهير على تحريمه، ولم يقل أحد من العلماء بأنه مباح مستوي الطرفين([9]).

إذا تقرَّر هذا عُلِم أن بذل العوض في لعبة كرة القدم غير جائز، وأن أكل المال بها أكلٌ للمال بالباطل، لأنها من اللعِب الذي لا يستعانُ به على الحرب، ولا يُعِدّ للجهاد في سبيل الله تعالى، هذا إذا كانت هذه اللعبة نقية خالية من المفاسد، فكيف بها على ما هي عليه اليوم من الاشتمال على المنكرات القبيحة، والتأدية إلى مفاسد عظيمة من كسرٍ لحاجز الولاء والبراء، وتكثير لسواد الأعداء، وركون إلى الدنيا والخلود إليها؟! بل ما اهتم الأعداء بهذه المنافسات الرياضية ووضعوا لها الميزانيات الخيالية وصرفوا فيها الأوقات والجهود وتكبدوا من أجلها الخسائر والأضرار إلا لأنها تخدِّر الأمة الإسلامية وتصرفها عن الجهاد في سبيل الله تعالى، فإذا كان الفقهاء يقولون: لا يجوز بذل العوض فيما لا يُعِدُّ للجهاد، فما القول في بذل العوض فيما يَصُدُّ عن الجهاد؟!

ثالثا: مفاسد المنافسات الرياضية

لقد انحرفت الرياضة في هذه العصور المتأخرة من كونها وسيلةً صحية تربوية إلى مجموعة من المخالفات الشرعية والصور الجاهلية، وإلى لون من ألوان المسخ الفكري والانحراف الخلقي، وفيما يلي بيان لبعض هذه المخالفات، وكشفٌ لمعالم هذا المسخ والانحراف:

المفسدة الأولى: وقوع حب الكافر ومودته وتعظيمه وتبجيله في قلب المسلم.

من أخطر مفاسد هذه المنافسات كسرُ الحاجز الديني بين المسلمين والكفار، ألا وهو حاجز البراء الذي هو من أوثق عرى الإيمان.

فترمي هذه المنافسات ـ فيما ترمي إليه ـ إلى أن لا يبقى في قلوب المسلمين بغضٌ للكفار من أجل الله تعالى، ولا كراهيةٌ لهم لأجل ما هم عليه من الكفر والدين الباطل ومحاربةِ الحق وأهله بشتى الطرق والوسائل، وأعظم من ذلك أن يقع في قلب المسلم حبُّ الكافر وتبجيله، وأن يجري على لسانه مدحه والثناء عليه، وأن ينظر إليه نظر التعظيم والإعجاب، فيحمل صورته على صدره وفي سيارته ويعلقها في بيته، ويغضب له إذا نيل منه وطُعن فيه، ويسعى جاهدا في الوصول إليه لمصافحته وأخذ قميصه أو توقيعه، وكثيرا ما يبلغ الأمر إلى أن يُحمَلَ هذا الكافر بالله من لاعبٍ أو مدرب أو مسؤول على أكتاف المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله، قدم عائذ بن عمرو رضي الله عنه يومَ الفتح مع أبي سفيان بن حرب على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الصحابة: هذا أبو سفيان وعائذ بن عمرو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هذا عائذ بن عمرو وأبو سفيان، الإسلام أعزُّ من ذلك، الإسلام يعلو ولا يُعلَى))([1]) قال الحافظ ابن حجر: “وفي هذه القصة أن للمبدأ به في الذكر تأثيرا في الفضل لما يفيده من الاهتمام”([2])، فإذا كان هذا في مجرد التقديم في اللفظ فكيف بالمدح والثناء والتعظيم؟! ثم كيف بالرفع على الأكتاف والوقوف للأعلام؟!

المفسدة الثانية: تضليل المسلمين عن قضايا أمتهم وشغلهم عن التفكير في الاستعداد لجهاد أعدائهم.

استطاع أعداء الإسلام أن يغرقوا المسلمين في هذه المنافسات، وأن ينسوهم قضايا الأمة الكبرى ومهمتها العظمى في تبليغ هذا الدين، وأن يميتوا فيهم الحس الإسلامي، فتجد كثيرا من المتابعين لهذه المنافسات لا يكترث ولا يأبه بما يحدث لإخوانه المسلمين المستضعفين في شتى بقاع العالم، من تشريد وتقتيل وتعذيب وتنكيل، وانتهاك للحرمات وتدنيس للمقدسات، بل شغلهم الشاغل تقصي أخبار المنافسات وتتبع نتائج المباريات والشغف بمعرفة وضعية اللاعبين المادية والاجتماعية، إلى غير ذلك من السفاسف والمهازل.

قال الشاعر واصفًا حالهم أمام المباريات:

أمضى الجسور إلى العلا بزماننا كرة القـدم

تحتل صـدر حيـاتنا وحديثها في كل فم

وهي الطريق لمن يريد خميلة فوق القمـم

أرأيت أشهرَ عندنـا من لاعبي كرة القدم

أهم أشـدُّ توهجـاً أم نار برقٍ في علم؟!

لهم الجباية والعطـاء بلا حدود والكـرم

لهم المزايا والهبـات وما تجود به الهمـم

كرة القدم

الناس تسهر عندهـا مبهورةً حتى الصبـاح

وإذا دعا داعي الجهاد وقال حي على الفلاح

غطَّ الجميـع بنومهم فوزُ الفريق هو الفلاح

فوز الفريق هو السبيل إلى الحضارة والصلاح

كرة القدم

صارت أجلَّ أمورنا وحياتَنا هذا الزمن

ما عاد يشغلنا سواها في الخفاء وفي العلن

واللاعب المقدام تصـ نع رجله مجـدَ الوطن

عجباً لآلاف الشباب وإنهم أهـل الشـيم

صرفوا إلى الكرة الحقيـ ـرة فاستبيح لهم غنم

دخل العـدو بلادهم وضجيجها زرع الصمم

أيسـجل التاريخ أنـا أمـة مسـتهتـرة؟!

شهدت سقوط بلادها وعيونها فوق الكرة([3])

المفسدة الثالثة: صرف همم المسلمين عن الاشتغال بمقاصد الشرع ومعالي الأمور، وشغلُهم بالسفاسف والمهازل.

إن هذه المنافسات هي في الحقيقة معول هدم في بناء الأمة الإسلامية؛ استخدمها أعداء الإسلام وشجعوا عليها للقضاء على الهمم وإماتتها وتحقيرها في نفوس المسلمين، ومما يؤكد ذلك ما جاء في البروتوكول الثالث عشر من برتوكولات حكماء صهيون وهذا نصه: “ولكي تبقى الجماهير في ضلال لا تدري ما وراءها وما أمامها ولا ما يراد بها، فإننا سنعمل على زيادة صرف أذهانها بإنشاء وسائل المباهج والمسليات والألعاب الفكهة وضروب أشكال الرياضة واللهو… ثم نجعل الصحف تدعو إلى مباريات فنية ورياضية”([4]).

المفسدة الرابعة: تضليل المفاهيم ونكس المعايير.

وهو ما يمكن أن يطلَق عليه اسم: حرب المصطلحات، فإن من أخطر أسلحة أعداء الإسلام وأفتكها في محاربة الإسلام والمسلمين تغييرَ الأسماء وتزييف الحقائق، فيسمون الحق بالأسماء الشنيعة الوضيعة المنفِّرة، ويسمون الباطل بالأسماء الجميلة الحسنة المرغوبة، وما أكثر ذلك في هذا العصر العصيب.

وفيما يخص هذا الموضوع نجد التلاعبَ بالألفاظ على أشُدِّه، فهم يسمون اللاعب الذي يكفيه حِطةً أنه يلعب ويلهو، يسمونه بطلا ونجمًا وصانعَ تاريخ ومحققَ أمجاد، ويسمون غلبةَ أحد المتنافسين نصرا ونجاحا وفوزا وفلاحا، وما كانت العرب تقول قبل الإسلام ولا بعده إلا: سابقه فسبقه، وصارعه فغلبه، ونحو ذلك، عريًّا عن ألفاظ النصر والنجاح والفوز والفلاح التي يموَّه بها في هذا العصر، ويسمون احترام المنافِس وتقديره روحا رياضية تملُّصًا من الاعتراف بأن ذلك من المطالب الدينية وهربًا من اللغة الشرعية، ويسمون المشجعين المتفرجين المضيعين لأوقاتهم أنصارا، وليت شعري أين هم من أنصار المهاجرين؟! ثم ليت شعري أين هم من أنصار الدين؟! ويسمون الأصوات القبيحة والأفعال المنكرة التي تصدر منهم علاماتِ فرحٍ بريء ومظاهرَ عرس بهيج، ويسمون مباريات القمار مبارياتٍ رسميةً والأخرى يسمونها مباريات ودِّية أو حبية ولو كانت مع ألد أعداء الدين والإنسانية، إلى غير ذلك من التحريف والتزييف الذي يروِّجون به لباطلهم ويحاربون به الحق وأهله.

مفسدة الخامسة: تقديم القدوة السيئة الدنيئة للطفل والشاب المسلم.

إن التربية بالقدوة من أعظم الوسائل التربوية تأثيرا في النفس، وقد أرشد إليها القرآن الكريم فقال الله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِى إِبْرٰهِيمَ} الممتحنة:4]، وقال سبحانه: {أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِه} الأنعام:90]، واعتنى بها النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا فمن ذلك قوله: ((اقتدوا باللذيْن من بعدي أبي بكر وعمر))([5]).

وإن من أهداف هذه المنافسات غرس القدوة السيئة والأسوة الدنيئة في أذهان النشء، والحيلولة بينهم وبين القدوات الزكية التي ينبغي أن تُتَّخذ. ومن وسائلهم في تحقيق ذلك تكثيف اهتمام أجهزة الإعلام بأولئك الرياضيين، وتتبع أخبارهم وما يتعلق بهم من صغير أو كبير، ووصفهم بالأبطال والنجوم والأسود وغير ذلك من الألفاظ النافخة، مما يجعل الطفل والشاب لا يهتم بعلم ولا عمل، وليس له في تحقيق العزة والتمكين همٌّ ولا أمل، بل همُّه الوحيد وأمله الفريد أن يصبح بطلا من الأبطال ونجما من النجوم!! وقد بلغ الأمر بكثير من الشباب إلى حد تقليد أولئك الذين لا خلاق لهم والتشبه بهم، بل ربما اقتدوا بهم في عاداتهم وحركاتهم الخبيثة والكفرية.

المفسدة السادسة: الصدُّ عن ذكر الله تعالى وعن الواجبات الشرعية.

كثير من المتابعين لهذه المنافسات تصدُّهم عن ذكر الله تعالى وأعظمُ ذلك الصلاة، وهذا أمر معروف عند الناس عامتهم وخاصتهم، لا ينكره إلا مكابر، وتعاطي ما يصدُّ عن ذكر الله وعن الصلاة حرام. فكم من أناس ممن يتابعون المباريات يسهرون إلى النصف الأخير من الليل ليشاهدوها ثم تفوتهم صلاة الفجر، وكم منهم من يتخلف عن الجماعة بسبب الجلوس أمام الشاشات، بل منهم من لا يحضر الجمعة لأجل ذلك، أضف إلى ذلك ما يقع من كثير من الغارقين في أوحال هذه المنافسات من تضييع لحقوق الوالدين والأولاد والأرحام، بحيث يقدمها على مصالحهم وحقوقهم.

قال الله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلأنصَابُ وَٱلأزْلاَمُ رِجْسٌ مّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَـٰنِ فَٱجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ l إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَاء فِى ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ} المائدة:90، 91]، قال القرطبي رحمه الله: “فكل لهو دعا قليله إلى كثير وأوقع العداوة والبغضاء بين العاكفين عليه وصد عن ذكر وعن الصلاة فهو كشرب الخمر، وأوجب أن يكون حراما مثله. فإن قيل: إن شرب الخمر يورث السكر فلا يقدر معه الصلاة وليس في اللعب بالنرد والشطرنج هذا المعنى، قيل له: قد جمع الله تعالى بين الخمر والميسر في التحريم، ووصفها جميعا بأنهما يوقعان العداوة والبغضاء بين الناس، ويصدان عن ذكر الله وعن الصلاة، ومعلوم أن الخمر إن أسكرت فالميسر لا يسكر، ثم لم يكن عند الله افتراقهما في ذلك يمنع من التسوية بينهما في التحريم لأجل ما اشتركا فيه من المعاني، وأيضا فإن قليل الخمر لا يسكر كما أن اللعب بالنرد والشطرنج لا يسكر، ثم كان حراما مثل الكثير، فلا ينكر أن يكون اللعب بالنرد والشطرنج حراما مثل الخمر وإن كان لا يسكر، وأيضا فإن ابتداء اللعب يورث الغفلة فتقوم تلك الغفلة المستولية على القلب مكان السكر، فإن كانت الخمر إنما حرمت لأنها تسكر فتصد بالإسكار عن الصلاة فليحرم اللعب بالنرد والشطرنج لأنه يغفل ويلهي فيصد بذلك عن الصلاة والله أعلم”([6]).

المفسدة السابعة: استعباد النفس والسيطرة على المشاعر.

لا يستطيع أحد أن ينكر أفاعيل كرة القدم المؤثرة على نفسية اللاعب والمتفرج على حد سواء، ولا أدل على ذلك مما يعرض لبعض المتفرجين من أزمات قلبية تؤدي للوفاة غالباً، بسبب تتبع المباريات بنفس منقبضة وأعصاب متوترة وعضلات متشنجة، وهذه الصور تعكس ارتداد ونكوص الرياضة عن دورها الصحيح في تهذيب الروح وبناء الجسم إلى سلاح زعاف يفتك بالأنفس والأرواح، وما أقبح موتَ من يموت في الملعب أو على مدرجات الملاعب أو يموت في سبيل فريق كرة، وما أسوأ مبعثه، فإن المرء يبعث على ما مات عليه، نسأل الله تعالى حسن الختام.

وهذا مثال حي نشرته صحيفة (الأخبار) المصرية([7]) حيث جاء فيها: “مات رئيس مجلس إدارة شركة النصر لمنتجات الكاوتشوك بالسكتة القلبية عندما سجل (الجارم) هدف الفوز للاتحاد في مرمى الأهلي في مباراة كأس مصر، كان… يتابع المباراة أمام الشاشة الصغيرة بين أفراد أسرته في منزله، وعندما أحرز الأهلي هدفه الأول قفز من مكانه واحتضن ابنته وابنه تعبيراً عن فرحته، واستمر يتابع المباراة بحماس إلى أن سجل الاتحاد هدف الفوز، وقبل نهاية المباراة بثوان وعندما فقد الأمل في التعادل انسحب من أمام التلفزيون، ودخل غرفته متعباً لينام بعد انتهاء المباراة، ودخلت زوجته إلى الغرفة فوجدته قد فارق الحياة، ويده على قلبه”.

المفسدة الثامنة: إفساد العلاقات الاجتماعية والروابط الأسرية.

إن هوس هذه المنافسات قد اقتحم بيوتات كثير من الناس، ودخلها من غير استئذان، وعثا فيها بالإفساد وزرع الشقاق والخلاف، فكم من طلاق وقع كان سببه هذه المباريات، تجد الزوج يتعصب لفريق معين، فإذا انهزم فريقه صبَّ جام غضبه على زوجته وربما ضربها من فرط الغضب، وكم حصل بين الإخوة من مشاجرات ومضاربات بسبب اختلافهم في الفريق الذي يشجعونه([8]). وهذا ما يطمع إليه أعداء الدين لكي يتصدع كيان الأسرة المسلمة، وتحل بالأمة النقمة.

المفسدة التاسعة: الوقوع في سب الوالدين ولعنهما.

كثيرا ما تثير هذه المنافسات السب والشتم واللعن المتبادلَ في سعار يمس بعقيدة الشاتم والمشتوم معا، فلقد اعتاد كثير من المشجعين بذاءة اللسان، ووقاحة العبارة، والتخاطب بالفحش من قذف ولعن وسباب، تارة في اللاعب، وتارة في الحاكم، وتارة فيما بينهم، مما يوقع الإنسان حتما في سب والديه، وهذا من كبائر الذنوب كما قال رَسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلّم: ((إنَّ مِن أَكبرِ الكَبائرِ أن يلعنَ الرَّجلُ والِدَيه))، قيل: يا رَسولَ اللَّه، وكيفَ يلعنُ الرَّجلُ والديه؟! قال: ((يَسُبُّ الرَّجلُ أبَا الرَّجلِ فيسُبُّ أباهُ، وَيَسبُّ أمَّه فيسبُّ أمَّه))([9]). فيا لله كم من لعنة عادت على صاحبها!!.

المفسدة العاشرة: إثارة الكراهية والبغضاء والعداوة والشحناء.

زعموا أن هذه المنافسات الرياضية وسيلة حضارية لتمتين العلاقات وتعميق مشاعر التآلف والاندماج وإقامة جسور التواصل والتعايش، ولكن التاريخ يشهد والواقع يشهد بأنها ما كانت إلا مِسعر حرب ووقود فتن وفتيلاً لإشعال نيران العداوة والبغضاء، سواء بين اللاعبين أو بين مشجعي الفرق المتنافسة، بل إن ضحايا ومآسي هذه المنافسات أضعاف ما يحصل من جراء تناول الخمور والمخدرات، مما يريح الصادق في معرفة حكم هذه المنافسات من عناء التأمل والنظر وجمع الأدلة، ولا يتحرج أدنى حرج من إلحاقها بحكم الخمر والميسر بجامع إثارة العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة.

والدليل على هذا من ذاكرة التاريخ:

1ـ في (16 تموز 1950م) اضطرَّ منظمو المباراة لكأس العالم ـ التي أقيمت في البرازيل بين (البرازيل والأورغواي) ـ إلى حفر حفرة طولها ثلاثة عشر مترا، وعرضها أكثر من متر ونصف لتحمي اللاعبين من الجمهور.

2ـ في (23 مايو 1963م) خلال مباراة تصفية للدورة الأولمبية في (ليما) بين البيرو والأرجنتين نشب خلاف على صحة هدف تسبب في حدوث اصطدامات بين المشجعين، أدى إلى مصرع 320 شخصاً وإصابة ألف آخرين بجراح وكسور مختلفة.

3ـ في (17 سبتمبر 1967م) قُتل 48 شخصاً وأصيب 600 خلال مشاجرات بين أنصار فريقين في (قيصرى) بتركيا إثر خلاف على صحة هدف.

4ـ في (25 يونيو 1969م) في (كيركلا) بتركيا نشب عراك عنيف بين المتفرجين بعد هدف اختلف في صحته، مما أدى إلى مقتل 15شخصاً وجرح 102 آخرين.

5ـ في (16 أغسطس 1980م) قتل 18 شخصاً وأصيب مائة آخرين في مدينة (كلكتا) الهندية عندما قام الحكم بطرد اثنين من اللاعبين لارتكابهم مخالفات في الملعب.

6ـ في (18 نوفمبر 1982م) قتل 24 شخصاً وأصيب 210 آخرين في مدينة (كالي) في كولومبيا نتيجة عراك نشب بين مشجعين مخمورين.

7ـ في (29مايو 1985م) قتل 39 شخصاً وأصيب 600 بجروح وكسور مختلفة إثر أحداث عنف نشبت بملعب (هيسل) ببروكسل بين مشجعي فريق إنكليزي وآخر إيطالي([10]).

فهذا غيض من فيض من تلك المشاهد التي تتكرر والتي ستبقى وصمة عار وانحدار في جبين هذا العصر على مدى العصور والأزمان([11]).

ولم يقتصر العنف على ملاعب كرة القدم فحسب، بل تجاوز هذا المجال ليصل إلى زعزعة العلاقات الدولية التي تربط بين دولتي الفريقين المتنافسين وتعريضها للقطيعة، وربما في بعض الأحيان إلى حرب ضارية يسقط فيها آلاف القتلى فداء لروح الفريق الوطني ونصرةً لسمعته الكروية، كما حدث بين دولة الهندوراس ودولة السلفادور حيث قامت بينهما حرب شاملة سنة 1969م أطلق عليها حرب كرة القدم بسبب النزاع على نتيجة مباراة دولية بينهما، وقد استمرت الحرب سبعة أيام، وقتل فيها ما يزيد على ألفين من الجانبين([12]).

المفسدة الحادية عشرة: تبذير الأموال.

من لوازم هذه المنافسات امتصاص الدخل القومي للبلاد، حيث تُصرف الأموال الطائلة في نفقات تجهيز الملاعب، ودعم النوادي، وتأمين تكاليف إقامة المباريات، وإصلاح الأضرار المادية التي تلحق المرافق العمومية وتجهيزات الدولة من جراء تعبير الجماهير عن سخطها وعدم ارتياحها لعطاءات فريقهم، أضف إلى ذلك ما تتطلبه مواجهة الجماهير من تجهيزات أمنية تشكل عبئاً كبيراً على ميزانية الدولة، ومن المؤكد أن آثار ذلك تنعكس مباشرة على الشريحة الفقيرة في المجتمع.

ومن المؤسف حقاً أن تتصدر بعض الدول الإسلامية والعربية قائمة الدول التي ترصد لهذه الرياضة قدراً مهما من ميزانيتها، بل وبعضها تنفق في هذا المجال ما لا تنفقه في مجال الدين والعلم.

وأدهى من هذا كلِّه وأمرّ أن يُستضاف لاعبٌ واحد بمبالغ خيالية ليشارك في مباراة واحدة، كما حصل للاعب المشهور مثَلِ السوء، وقد فاق كرمُ إحدى دول شمال إفريقيا العربية حدودَ العقل والواقع تجاه مدرب فريقها الوطني الذي يتقاضى شهرياً ما قيمته 25 مليون سنتيم، أي ما يعادل الراتب الشهري لخمسين أستاذاً بالتعليم العالي. وأنكى من ذلك أن إحدى الدول الإسلامية الكبرى استعانت بمدرب نصراني صربي بمرتب كبير لأحد أنديتها، والمسلمون في البوسنة والهرسك يُذبحون ذبحَ الشياه، وتُنتهك آدميتُهم بطريقة بشعة تذهل العقول وتحير الألباب.

المفسدة الثانية عشرة: كونها مرتعا خصبًا للميسر والقمار.

تتيح هذه المنافسات مجالاً واسعاً لمسابقات التخمين والقمار التي جاء الشرع بتحريمها، كالتي يشرف عليها الاتحاد العالمي لفرق كرة القدم الذي يعرف بالفيفا، والتي تقوم بمراهنات أسبوعية لنتائج المباريات لمعظم المدن الأوربية، ويحصل مثل ذلك حتى في بعض الدول العربية تحت اسم (لوتو). وتذهب إيرادات هذا الميسر الضخمة لصالح المتراهنين الفائزين، وللمؤسسات الرياضية، وللقائمين على هذا القمار الآكلين أموال الناس بالباطل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال لصاحبه: تعال أقامرْك، فليتصدق))([13])، قال الشوكاني رحمه الله: “قوله: ((فليتصدق)) فيه دليل على المنع من المقامرة؛ لأن الصدقة المأمور بها كفارة عن الذنب”([14]).

ولا يخفى على العقلاء ما للقمار من أثر بليغ في تحطيم اقتصاد البلاد، وتعطيل الطاقات والقدرات، وتكثير البطالة والعاطلين، واستنزاف أموال الشعوب، وشحنهم بالحقد والغل والكراهية، وتركيب العقد النفسية فيهم، إلى غير ذلك من المفاسد التي لا تحصى.

المفسدة الثالثة عشرة: ضحايا كوارث الملاعب.

من المضاعفات الخطيرة التي تسفر عنها ازدحامات الملاعب بالمشاهدين وتحميلها فوق طاقتها وقوع كوارث ضحاياها شباب في مقتبل العمر، وأطفال لم يبلغوا الحلم، يلقون حتفهم إما بسبب انهيارات لبعض المدرجات أو لاندفاع الجماهير نحو أبواب الخروج أو لأسباب أخرى، وفيما يلي بعض ما حفظه لنا التاريخ من هذه الأحداث:

1ـ في (9 مارس 1946م) قتل 33 شخصاً وأصيب 500 نتيجة تدافع المشاهدين في مدينة (بول تاون) الرياضية.

2ـ في (يناير 1966م) قتل 66 شخصاً في (غلاسكو) بأسكتلندا بسبب سوء تنظيم المباراة.

3ـ في (23 يونيو 1968م) أدى إطلاق الأسهم النارية في (بيونس إبريس) بالأرجنتين إلى إثارة الرعب في صفوف الجمهور الذي اعتقد أن ثمة حريقاً قد نشب في المدرجات، وقد تسبب ذلك في مقتل 80 شخصاً وجرح 150 آخرين.

4ـ في (25 ديسمبر 1973م) في (بياكفو) بالكونغو لقي 27 شخصاً مصرعهم وأصيب 52 آخر بسبب التدافع الذي حصل داخل الملعب وخارجه.

5ـ في (17 فبراير 1973م) اقتحم حوالي 80 ألف متفرج ملعب نادي الزمالك القاهري الذي كان لا يتسع لأكثر من نصف العدد، وذلك خلال مباراة ودية ضد تشيكوسلوفاكيا، وقد أدى التدافع إلى دوس 48 شخصاً تحت الأقدام، وإصابة عدد مماثل بجروح ورضوض خطيرة.

6ـ في (14 أغسطس 1979م) قتل 24 شخصاً وأصيب 27 آخر بعد مباراة في (لاغوس) النيجيرية، وذلك بسبب قيام المسؤولين على الملاعب بإطفاء الأنوار قبل انتهاء المشاهدين من الانصراف.

7ـ في (20 أكتوبر 1982م) بملعب (لينين) بموسكو سجل فريق هولندي الهدف في وقت كان جزء كبير من المشاهدين قد بدأ في الانصراف، وقد تدافع المشاهدون في العودة إلى المدرجات مرة أخرى للتعبير عن فرحتهم بالهدف، ونتج عن ذلك مصرع 20 شخصاً.

8ـ في (11 مايو 1985م) في (برادفورد) بإنجلترا شب حريق خلال مباراة محلية أثارت رعباً وفزعاً في صفوف المتفرجين الذين هربوا نحو أبواب الملعب التي كانت مغلقة، وأدى الحادث إلى مصرع 53 شخصاً وإصابة أكثر من مائتين.

9ـ في (14 مارس 1988م) في (كتماندو) بنيبال قتل 72 شخصاً وأصيب 27 خلال تدافع المتفرجين إثر انقطاع التيار الكهربائي بفعل عاصفة هوجاء، وغادر المتفرجون مدرجات الملعب نحو الأبواب التي كانت مغلقة.

10ـ في (15 أبريل 1989م) في ملعب (هيلزبر) بمدينة (شيفيلد) الإنجليزية، اجتاحت أفواج من المشجعين المتدافعين بوابة الملعب، واتجهت صوب مدرجات كانت مليئة عن آخرها، ونظراً لكون التدافع والتزاحم على أشدهما تعرض المتفرجون الذين كانوا من وراء الشبابيك الحديدية إلى ضغوط هائلة أدت في ظرف ساعتين اثنتين إلى مصرع 95 شخصاً وإصابة أكثر من مائتين برضوض واختناقات وإصابات مختلفة([15]).

ومع كل هذا العار والشنار عند أولئك القوم تجدهم يستغلون بعض الحوادث في المواسم الدينية لدى المسلمين، فيضخمونها ويُشغلون الإعلام بها ويسوِّدون بها صفحات الجرائد والمجلات ويطيرون بها كل مطار، ويستثمرونها في الطعن في الإسلام والمسلمين، ومن لم يستح يصنع ما يشاء.

رابعا: خاتمة البحث:

1ـ حكم واستنتاج([1]):

بعد استعراض بعض مفاسد هذه المنافسات بالصورة التي هي عليها الآن، وما لم يُذكر منها كثير، وكلُّ مفسدة منها أمٌّ لسلسلة من المفاسد المتنوعة المختلفة، لا يسع طالب الحق بعد هذا إلا الإقرار بحرمتها ودعوة الناس للعزوف عنها والترفُّع عن الاشتغال بها.

قال ابن القيم رحمه الله: “إذا تأملت أحوال هذه المغالبات رأيتها في ذلك كالخمر قليلُها يدعو إلى كثيرها، وكثيرُها يصدُّ عن ما يحبه الله ورسوله، ويوقع فيما يبغضه الله ورسوله، فلو لم يكن في تحريمها نصٌّ لكانت أصولُ الشريعة وقواعدها وما اشتملت عليه من الحكم والمصالح وعدم الفرق بين المتماثلين توجب تحريم ذلك والنهي عنه”([2])، هذا في زمانه فكيف لو رأى رحمه الله منافسات هذا الزمان؟!!

وينبغي أن لن نكون أقل غيرة على ديننا من غيرة ملوك الإنجليز على مصالحهم عندما حرموا ذلك على شعبهم، لِما كانت تتسم به من خشونة ووحشية، مع ما تثيره من ضجيج وعراك ينتهي أحياناً إلى مراكز الشرطة.

وهكذا حرمها كل من الملوك: إدوارد الثاني عام 1314م، وإدوارد الثالث عام 1365م، وريتشارد الثاني، وهنري الرابع، والملكة إليزابيت الأولى.

وجاء في المرسوم الذي أصدره الملك إدوارد الثاني عام 1314م: “لما كان ضجيج وأصوات كثيرة تملأ البلاد بسبب التشاجر والتدافع خلف كرات كبيرة، ولما كانت شرور كثيرة تحدث بسبب هذا، ولما كان الله يحرم كل هذه الشرور… لذلك فإني آمر وأمنع بأمر الملك الاشتراكَ في مثل هذه الألعاب مستقبلاً، ومن يخالف ذلك تكون عقوبته السجن”([3]).

ورحم الله العلامة العربي بن عبد الله بن أبي يحيى المساري حيث يقول في منظومته المسماة سراج طلاب العلوم:

ولعبُ الكرة ليس مذهبي إذ فيه للقتال أقوى سببِ

يدنِّس المروءة الحصـينة ويطرد الوقـار والسكينة

فما رأيتُ فيه شيئاً يحمدُ فترك فعله لــديّ أحمـدُ

2ـ استثناء مشروع([4]):

لا غرو أن الحكم بالحرمة على لعبة كرة القدم في واقعها اليوم هو الأوفق لمقتضيات الشرع الحازمة ومقاصده السمحة العادلة، إلا أن الواقع لا يمنع من مزاولة هذه اللعبة بمنأى عن هذه الانحرافات والمخالفات، شريطة اعتمادها وسيلة من وسائل التدريب البدني الذي لا يجادل أحد في انعكاساته الإيجابية على جسم اللاعب، وإن كانت بدرجة أقل من الرياضات العسكرية التي دعت إليها السنة النبوية، وندبت المسلمين لمزاولتها.

وبجانب هذا المقصد البدني في وسعنا أن نستثمر هذه الرياضة لتحقيق مقاصد أخرى لا تقل أهمية عن سابقها:

أولاً: صرفُ الشباب عن ملاهٍ أخرى أكثر ضرراً وفتكاً بأخلاقهم وأوقاتهم.

ثانياً: تمتين العلاقات بين الشباب المسلم وحصول التعارف بينهم، ومن ثم الانطلاق لربط هذا الشباب ببرامج تربوية ودعوية هادفة.

ثالثاً: إشباع غريزة المنافسة والمغالبة، والتي غالباً ما تدفع الشباب لإشباعها بوسائل تافهة، وفي كثير من الأحيان محرمة وخطيرة، كما هو الشأن في منافسات القمار والحظ.

فهذه اقتراحات تراعى فيها ظروف وطبيعة المرحلة التي تمر بها الأمة المسلمة، ومتى استعادت الأمة وعيها ورشدها، وفكرت في العودة إلى منهج ربها، وأدركت ضرورة التسلح بالإسلام نظاماً شاملاً لمناحي الحياة ومجالاتها، آنذاك يتعين في حق المربين ورعاة الأمر في الأمة توجيه وتأطير قطاع الشباب بمناهج تربوية ورياضية سامية في مستوى تطلعات أمة أنيط بكاهلها مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا العالم استجابة لقوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ} آل عمران:110].

3ـ استطراد: حكم منضدة لاعبي كرة القدم.

سئلت الجنة الدائمة لإفتاء عن حكم هذه اللعبة التي ظهرت في الأسواق ويلعبها الأطفال والشبان، وهي مركبة من منضدة فيها تماثيل لاعبي كرة القدم، ويوضع فيها كرة صغيرة تحرك بالأيدي، فمن غلب يدفع أجرة اللعبة إلى صاحبها، والغالب لا يدفع شيئاً. فهل يجوز هذا وأمثاله في الشريعة؟

فأجابت: "إذا كان حال هذه اللعبة ما ذكرت من وجود تماثيل بالمنضدة التي يُلعب عليها، ودفع المغلوب أجرة استعمال اللعبة لصاحبها، فهي محرمة لأمور:

أولاً: أن الاشتغال بهذه اللعبة من اللهو الذي يقطع اللاعب بها فراغَه ويضيع عليه الكثير من مصالح دينه ودنياه، وقد يصير اللعب بها عادة له وذريعة إلى ما هو أشد من ذلك من أنواع المقامرة، وكل ما كان كذلك فهو باطل محرم شرعاً.

ثانياً: صنع التماثيل والصور واقتناؤها من كبائر الذنوب للأحاديث الصحيحة التي توعد الله تعالى وتوعد رسوله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك بالنار والعذاب الأليم.

ثالثاً: دفع المغلوب أجرة استعمال اللعبة محرم لأنه إسراف وإضاعة للمال بإنفاقه في لعب ولهو، وإيجار اللعبة عقد باطل، وكسب صاحبها منها سحت وأكل للمال بالباطل، فكان ذلك من الكبائر والقمار المحرم.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اهـ.

4ـ رسالة إلى المتعصبين والمهوسين بالكرة:

وفيما يلي رسالة نصحٍ وجهها بعضهم إلى إلى هؤلاء المتعصبين والمهوسين، وهذا نصها:

"كرة القدم عند بعض الناس، وما أدراك ما كرة القدم؟ إنها الهوَس المتسلط على عقول الأجيال في العصر الحديث. من أجلها تقام المعارك، وتنشب الحروب، وتموت الضحايا. ولجلالها تُطلَّق الزوجات، وتُقطع أواصر القرابات، ويطعن الأخ بالسكين أخاه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ويوم أن تقام مباراة بين فريقين لامعين، فكأن الحرب الضروس قد أُعلنت، ورفعت لها الرايات، وانبرت لها الإذاعات، وهُيّئت لها الشاشات، وأعدّ المشجعون لها الأحجار والسكاكين، والطبول والمزامير، والأناشيد الجماعية والهتافات القويّة.

وما أن تنجلي المعركة الحامية عن هزيمة أحد الفريقين حتى ينتقل ميدان المعركة من ساحة الملعب، ليكون ميدانها في البيوت والمدارس، والدواوين ومكاتب الموظفين والمقاهي، وفي المجتمع الصغير والمجتمع الكبير، وتسفر المعركة أخيراً عن سقوط ضحايا من الجانبين. وما أن تهدأ حِدَّتها وتنجلي غمرتها حتى تبدأ معركة أخرى؛ مباراة ثانية. وهلمّ جرّا.

وإذا رفعتَ صوت المنطق لتناقش أحدَ هؤلاء المصابين بالهوس الكروي، قال لك بملء شدقيه: “إنني رياضي”!!.

هذه قصتنا مع كرة القدم، وهذا وجه اللعبة المزيَّف كما يراه شبابنا.

وأما الوجه الحقيقي لهذه اللعبة، فإننا إذا فهمنا مقاصد الإسلام ومنهجه في بناء المجتمعات نجد كرة القدم من الألعاب التي يزكيها الإسلام وتزكيها تعاليمه، فهي مدرسة تعلّم دروساً في التجميع لا في التشتيت، وفي الوحدة لا في التفرّق، وفي الودِّ لا في التباغض والعداوة. اللعبة التي تؤكِّد أن الأهداف لا يمكن أن تحقق إلا بالروح الجماعية، وأن الفرد بنفسه كثيرٌ بإخوانه.

وإني أسأل هذا الذي يرفعُ راية التعصب الأعمى، ولا يفهم من الرياضة إلا اسمها، أسأله هذا السؤال: هل يستطيع اللاعب الأناني أن يحقق هدفاً وحده مهما كانت كفاءته؟ كلا؛ لأن الكرة ستتعثر على قدمه، وسيستولي عليها الفريق الآخر. والفريق الذي يحقق الأهداف النظيفة هو الفريق الذي يلتزم بروح الجماعة. هل وعينا الدرس من مدرسة الكرة التي نتعصب لها؟! هل يعلم الحكام والمشجِّعون المسلمون أن روح التفرقة والأثرة والاستبداد بالرأي تقود في النهاية إلى الهزيمة المنكرة على مسرح البطولة في كل الميادين؟!

للأسف، نحنُ لم نع الدرس، قلبنا الغاية إلى وسيلة، والوسيلة إلى غايةٍ، وآمنا بالشكل وكفرنا بالمضمون، واعتنينا بالمظهر وألقينا الجوهر وراء ظهورنا.

ما معنى أن أعبد نادياً وأتعصب له؟ معنى ذلك أنني ضحل التفكير، ضيق الأفق، أناني الطبع، مستبدٌّ برأيي، لا أفهم شيئاً عن الروح الرياضية، ولا أجد من أنواع الرياضة إلا التصفيق الأرعن والهتاف المحموم.

إننا لا نحجر عليك في أن تشجع الرياضة، ولكن هناك فرقٌ كبيرٌ بين التشجيع والتعصب، ولغة الحجارة والطوب ولغة الروح الرياضية التي تعلِّمنا أن نبتسم عند الهزيمة، ونتواضع عند النصر، وتعلمنا أن الأيام دولٌ.

فيومٌ علينا ويوم لنا ويوم نُساء ويوم نُسرّ

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع لنا المثل الأعلى في الروح الرياضية، فليتنا نعي الدروس والعبر.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت العضباء ناقةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم لا تُسبقُ، فجاء أعرابي على قعود له فسابقها فسبقها، وكأن ذلك شقَّ على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن المربي العظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتهزُ الفرصة ليعلمهم الروح الرياضية، ويعطيهم درساً في أن الجلوس على القمة في الدنيا لا يدوم لأحد، فقال عليه الصلاة والسلام: ((إن حقاً على الله عز وجل ألا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه))([5]). هل عقلتم يا رياضيون؟

أسأل الله لي وللمتعصبين العفو والعافية والشفاء من كل داء"([6]).

http://www.alminbar.net/malafilmy/kaas%20al3alm/malaf1.htm

قال الشاعر واصفًا حالهم أمام المباريات:

قال الشاعر واصفًا حالهم أمام المباريات:

أمضى الجسور إلى العلا بزماننا كرة القـدم

تحتل صـدر حيـاتنا وحديثها في كل فم

وهي الطريق لمن يريد خميلة فوق القمـم

أرأيت أشهرَ عندنـا من لاعبي كرة القدم

أهم أشـدُّ توهجـاً أم نار برقٍ في علم؟!

لهم الجباية والعطـاء بلا حدود والكـرم

لهم المزايا والهبـات وما تجود به الهمـم

كرة القدم

الناس تسهر عندهـا مبهورةً حتى الصبـاح

وإذا دعا داعي الجهاد وقال حي على الفلاح

غطَّ الجميـع بنومهم فوزُ الفريق هو الفلاح

فوز الفريق هو السبيل إلى الحضارة والصلاح

كرة القدم

صارت أجلَّ أمورنا وحياتَنا هذا الزمن

ما عاد يشغلنا سواها في الخفاء وفي العلن

واللاعب المقدام تصـ نع رجله مجـدَ الوطن

عجباً لآلاف الشباب وإنهم أهـل الشـيم

صرفوا إلى الكرة الحقيـ ـرة فاستبيح لهم غنم

دخل العـدو بلادهم وضجيجها زرع الصمم

أيسـجل التاريخ أنـا أمـة مسـتهتـرة؟!

شهدت سقوط بلادها وعيونها فوق الكرة([3])

مشكور على البحث الوافي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هي كلمتين الاولى قلتها في العنوان

الثانيه ماشاء الله عليك شكلك حذفت الترم وكتبت المقال !!!

بيض الله وجهك اخوي ماقصرت

أنا ماحذفت الترم

أخويHaWWaWi جزاك الله خير
البحث أخذته من الموقع المذكور في الرد الثامن …

السلام عليكم
خير الكلام ما قل ودل

اكثر من 80% من الطلاب السكنيين في الجامعة وخاصة اهل اللاينات ينتهزون الفرصة للذهاب الى المقاهي ولو لم يكن هناك مباريات اصلاً…

شكرا ياسيزور على هذا البحث

ودمتم سالمين…