لم يستطع ذلك الشاب من منع نفسه من التأفف من رطوبة الجو الخانقة في تلك الليلة، ولا يستطيع منع نفسه من التفكير عما سيحدث بالغد، فها هو يقدم مع رفاقة على خوض مغامرة غير معلومة النتائج والعواقب!
انطلقوا بعد أن خيم الليل، واستتروا بظلامه، متجهين صوب جامعة القلوب، جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، لا يعلم ذلك الفتى ما يدور في خلد أصحابه. وكلما اقتربوا من الجامعة، يزداد اضطرابه وتتسارع دقات قلبه. أمسك بتلك الورقة البيضاء الصغيرة، وأخذ في تأمل عباراتها. هل سينجح هذا العمل؟ دار هذا السؤال في ذهنه.
تجاوزوا بوابة الجامعة، وذلك الشاب متردد، ويدور في باله إلغاء هذه العملية. من أي الموافق نبدأ التوزيع؟ تناهى إلى مسامعه صوت رفيقه السائل. أخذ نفسا عميقا، تم أخرج زفرة ساخنة، يريد أن يطرد بها كل اضطراب وتوتر يراوده. لا أعلم، كان رده. كم كان يتمنى بأن يرد قائلا: يا شباب ما رأيكم أن نعدل ونعود أدراجنا؟
اتفقوا على أن يبدأ التوزيع بموافق المثلث، ثم مواقف المطعم، ثم الرحمة، ثم المباني الأكاديمية. وفي مواقف المثلث وضعوا رحالهم، وحملوا تلك القصاصات، وبدوا بالتوزيع. رغم انقضاء معظم الليل إلا إن حرارة الجو مازالت تسيطر، والرطوبة كاتمة للأنفاس.
كانوا مصرين على العمل بسرعة، حتى لا تلتقطهم الأبصار. وبعد فترة طويلة تم إنهاء مواقف المثلث والمواقف المتصله به، كان ذلك الشاب يظن أن عملية التوزيع لن تأخذ وقتا طويلا! و لكنها جاوزت الساعة لمواقف المثلث! الوقت يتداركهم! تأمل قصاصات الورق ترفرف على زجاج السيارات! وعلم أنه تجاوز خط الرجعة، ولا يملك الآن إلا المضي قدما! والتوكل على الله سبحانه وتعالى.
هرعوا إلى مواقف المطعم، و تفرقوا فيها ممطرين السيارات بتلك الأوراق. نظر ذلك الفتى إلى ساعته! ياللهول! لماذا تجرى العقارب بهذه السرعة، لم يبقى على الفجر الكثير! بدءوا بالتنافس من سيوزع العدد الأكبر من الإعلانات. انتهت مواقف المطعم! لم يبقى من الوقت الكثير، هذا ما أدركوه في تلك اللحظات.
قرروا أن يتجهوا فورا إلى المباني الأكاديمية، وأن يتركوا بقية المواقف بدون توزيع! فليس كل الطلاب يملكون سيارات، ولكنهم يذهبون إلى المباني الأكاديمية، لطلب العلم.
وبعد الانتهاء من المباني الأكاديمية، تسللوا إلى خارج الأسوار، وفي طريق الذهاب نظر ذلك الشاب إلى البرج متسائلا! ماذا يخفي لنا الغد؟