برغم اللى حصل تشكر أيها الامتحان

احببت ان انقل لكم هذا الموضووع لما احسست فيه مغزى وعبره للاستفاده

واتمنى ان ينال اعجابكم

أتأنق أمام المرآة صباحا، أعدل بدلتى جيدا أحاول ربط “الكرافت” وأنجح لحسن حظى من أول مرة … احم احم

ولكن هناك مشكلة صغيرة حيث ان “ألركافت” طويلة جدا وتكاد تصل لركبتى، ليس هناك مشكلة احاول مرة اخرى …

الحمد لله أخيرا أنجح بعد نصف ساعة من المحاولات. أشعر الآن وكأننى “ألفيس بريسلى”

ترى من يكون هذا “ألألفيس” !! . لا يهم سأسأل أخى عنه لاحقا…

حملت كتبى وسماعتى وادواتى وذهبت للامتحان.

آآآآه معذرة نسيت أن اخبركم انى طالب فى كلية طب ومن التقاليد الدستورية العتيقة فى الكلية أن نذهب للامتحان العملى ببدلة كاملة …

وكنت قديما أتسائل مثلما تتساؤلون أنتم الآن لماذا هذا التقليد العجيب؟!! ، ولماذا البدلة وليس بالطو الطبيب الأبيض !! ولكنى لما فشلت فى ان أجد إجابة أرحت خاطرى وأرجو ان تريجوا خواطركم انتم أيضا من عناء البحث فى مواقع البحث العلمى عن تفسير هذه الظاهرة الكونية العجيبة.

حادى بادى

ذهبت ببراءة الأطفال لاحد الطبيبات، سألتها عن الحالات المتواجدة اليوم بالامتحان - ولمن ليس فى كلية طب “الحالات” لفظ دارج فى المصطلح الطبى يعنى المرضى- فأجابتنى بمصطلحات عجيبة : “أبدومين،روماتيك، هيدرو كيفالس، بيربرا، سلاسيميا” … ما هذه الاسماء العجيبة !! … لم أشأ أن اظهر لها جهلى بهذه المسميات وهززت رأسى علامة الفهم والتفكير العميق، يبدو ان ثقافتى الطبية تحتاج إلى مزيد من الخبرات والصقل، حاولت أن أسترجع أى اسم من الاسماء التى قالتها… نعم … هذا الأخير المدعو “سلاسيميا” لقد سمعت عنه قبل ذلك وأعتقد أنى رأيت هذا الاسم من قبل، ليس مهما أين ولكنى بالتأكيد رأيته من قبل اذن فلتكن “السلاسيميا” اختيارى.

ذهبت للدكتور المسئول عن توزيع الطلاب على المرضى، تبسمت فى براءة الاطفال وقلت له “سلاسيميا يا دكتور” فنظر لى شذرا وباحتقار شديد ثم بغيظ دفعنى دفعا لسرير عليه أم وابنتها. وهو يردد حانقا “دكاترة آخر زمن”.

لا لو سمحتم هو لم يقصد الاهانة بالمرة بل كان يعنى التعجب من قدرات ومهارات طلبة طب هذه الأيام. عدلت البدلة و"الكرافت" ثم اقتربت من الطفلة “منار” ذات التسع شهور وسألت امها بعض الأسئلة حول حالة ابنتها وكانت الصدمة الأولى … أن الحالة ليست هى “السلاسيميا” التى أردتها … والصدمة الثانية ان حالة البنت سيئة جدا ويبدو ان أيامها فى هذه الحياة محدودة … وما العمل؟!! ثم بدأت الام فى قول أشياء عجيبة وغريبة… طبعا نظرت للام وهززت رأسى علامة الفهم والتفكير العميق، ولسان حالى يقول للأم “انا عارف كل الحاجات دى بس بأختبرك بس”.

بلاش احراج

وحتى لا أصدم مشاعركم الرقيقة فيمكن أن اختصر اللحظات التالية من النقاش مع الدكتور حول الحالة إلى جملة بسيطة تصف الحال تماما، باختصار الدكتور “خلا اللى ما يشترى يتفرج عليا” … مش مشكلة عدلت البدلة مرة اخرى و"الكرافت" وغادرت المستشفى وانا حانق ومغتاظ من هذا الحظ العاثر الذى ضيق الطرق أمامى لأقف امام هذه الحالة دونا عن البشر كلهم، أغتاظ من هذا النصيب الذى ساقنى لهذا الدكتور الصعب المراس، أغتاظ من هذا الموقف بشدة وأشعر أننى اتعس طالب فى هذا العالم…

ابتسامة ودمعة

فى هذه اللحظات من الضيق والانفعال صعدت فى مخيلتى صورة ابتسامة ضاحكة من هذه الفتاة الصغيرة الرقيقة “منار”، عقبتها صورة الأم وعيناها مغرورقتان بالدمع، عقبها ذلك المصير المحتوم الذى ينتظر هذه الطفلة وحيدة والديها.

اطرقت برأسى للأرض وخجلت من نفسى أكل هذا الغيظ والانفعال بسبب بعض الدرجات فقدتها، ولا آبه لهذه الروح الصغيرة التى ستفقد، أأشعر ان الله أهاننى وخذلنى ولم يكرمنى لانى وضعت فى موقف محرج، بينما أنا اعيش وأتنعم بكل ما وهبني الله من نعم وصحة ثم لا أشكره بل وأغضب من موقف وأنسى كل ماسبق من كرمه وجوده وعطاءه وفضله على!!!

يا الله …يبدو فعلا أننا ننتناسى كثيرا أفضال الله ونعمه علينا، بل والأكثر من ذلك أننا نجحدها وعندما نمر بضائقة ننسى كل الفضل وكل الخير الذى نحيا فيه ولا نتذكر إلا الموقف السيئ الذى مررنا به.

يا الله …يبدو فعلا أننا نتناسى قول الله عز وجل “فأما الانسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربى أكرمن، وأما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربى أهانن”

يا الله …يبدو وكأننا لم نقرأ قول الله عز وجل " وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها، إن الانسان لظلوم كفار"

يا الله … … عفوا ربى غفرانك عن هذه الأوقات التى ننسى فيها أفضالك ونعمك علينا ولا نقابلها بشكر وحمد وعبادة وحسن توجه.

يا الله …برغم غفلتنا عن شكرك وذكرك لم تنزع منا نعمك ولا يزال الخير منك ياتينا برغم تقصيرنا وذنوبنا.

حقا شكرا أيها الامتحان فبرغم أنى لم أكن موفقا فيك كل التوفيق إلا أنك أعدت لى عقلى لاعلم مقدارى وحبى لربى.

مشاكرة رائعة ،، بارك الله فيك اخي الكريم

بالفعل … ما أصعب ساعات الشدائد … ننسى فيها كل شيء وكأن الحياة انتهت

الحمد لله على نعمه التي لا تحصى

يعطيك الف عافيه على المشاركه

ننتظر منك المزيد

تميز

:slight_smile:

ابداع

بارك الله فيك