…
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل أن أبدأ في موضوعي أود أن أطلب من المشرفين طلبًا واحدًا وهو عدم حذف الموضوع أو نقله لقسم آخر، لا أريد أن يُحذف لأنه يصب في مصلحة الجامعة وطلابها وإن كان يظهر عكس ذلك، ولا أريد أن يُنقل لأني على علم بأن مدير الجامعة د. خالد السلطان يمر في هذا القسم كما ذكر لنا عدة مرات.
قبل دخول الجامعة قبل ست سنوات مضت، وصلتني رسالة القبول في أعظم جامعة عربية كما يذاع عنها، تلك التي قال مديرها في كلمة الترحيب بالطلاب الجدد أن لكل خريج من خريجيها ست فرص وظيفية، فتحملنا السفر والغربة لأجلها وعشنا حلماً جميلًا طوال تلك السنين، كنا نرى علامات الفخر في أعين الوالدين والأقرباء، كيف لا ونحن ننتسب لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن ذلك الصرح الشامخ الذي يخرج الأفذاذ، تلك التي تتهافت الشركات العالمية والوطنية والمريخية على خريجيها، حتى صحونا على صوت جلاد العطالة يضرب الأوجه والظهور، أكتب هذه الكلمات بعد مرور ثمانية أشهر من التخرج قضيتها في تقشير البصل وتوصيل الأطفال للمدارس وإعادتهم منها.
أين الست فرص وظيفية لكل خريج ؟! فهمت تلك الجملة وأنا أرى شركة الربيع تضع أرقامًا خيالية للفرص الوظيفية في يوم المهنة، في كل تخصص ثلاثون فرصة وظيفية ! هي مجرد أرقام لا حقيقة لها أُخذت ثم قُسمت على عدد الخريجين، وهكذا أصبح لكل منهم ست فرص وظيفية ! لا يهم، لعلنا نجد وظيفة في أي مكان هنا او هناك، سنقدم حتى لو في مكتب توظيف كوكب زحل، ومع هذا لم يحدث شيء ولا حتى مقابلة واحدة حتى هذه الساعة.
لأكون صادقًا ومنصفًا كان للمعدل المنخفض دور في هذا، إلا أن مجهودي الذي أنتج هذا المعدل في جامعة البترول كان سينتج معدلًا مرتفعًا جدًا في أي جامعة أخرى، كيف هذا ؟ أحد زملائي طُرد من السنة التحضيرية وتخرج بمرتبة الشرف الآن من جامعة الملك عبدالعزيز ! وهكذا ترحب به كل الشركات الكبرى، “لكن خريج البترول مختلف” رد علي أحدهم وأنا أذكر له الواقع، نعم هو مختلف في علمه وانضباطه وجهده إلا أنه كغيره الآن تمامًا في سوق العمل، كل الشركات الآن لا تقبل تقديمًا يدويًا تستطيع عبره ذكر اسم جامعتك وصعوبة دراستها وترتيبها في التصنيفات العالمية، إن كان معدلك منخفضًا لن ينظر أحد في وجهك لأن التقديم إلكتروني وهو يستبعد أصحاب المعدلات المنخفضة تلقائيًا وليس فيه خاصية التفريق بين الجامعات، حتى لو كنت خريج كامبريدج، كيف ستبرر انخفاض معدلك وصعوبة الدراسة في جامعتك ومكانتها وأنت لم تُعطَ فرصةً أصلا لتحصل على مقابلة ؟
أنا لا أنكر تقصيري في الجامعة إلا أن الجامعة تتحمل جزءًا كبيرًا من هذه النتيجة، منهجية الجامعة في تصعيب الاختبارات والتي بدورها تؤثر على معدلات الطلاب من أسباب هذه الكارثة التي تحل بالخريجين، أنا لست وحيدًا سعادة القارئ، بل أعرف الكثيرين ممن تخرجوا معي وما زالوا يقشرون البصل في مطابخ منازلهم، لو أدركت الجامعة واقع سوق العمل وطرق التقديم وأنها تلقي بخريجيها إلى التهلكة لعدلت هذه المنهجية، حتى الجامعات الغربية المرموقة اختباراتها أسهل من اختبارات جامعة البترول بينما تركز تلك الجامعات على تصعيب الواجبات، هذا بشهادة زملائي الذي دخلوا في برنامج التبادل الطلابي، من الطرائف التي رأيتها بخصوص تعمد تصعيب الامتحانات في الجامعة، حساب الجامعة في إنستقرام وضع صورة أول دفعة تخرجت من الجامعة، فكان في التعليقات: كيف تخرجوا بدون “أولد إقزامز” ؟
بالرغم من كل هذا، ما أزال أفخر بهذه الجامعة وأشهد أنها صرح علمي شامخ، وما تزال تعشعش في القلب، وخاتم تخرجها ما يزال يحيط بإصبعي، وأنصح كل من يسألني عنها باحثًا عن العلم أن يلتحق بركبها، إلا أني لن أدل غيري على نفس الخطأ الذي ارتكبته، من يبحث عن الوظيفة فقط، فليحصل على شهادة من أي جامعة أخرى، يحصل فيها على معدل عالِ بسهولة، ويضمن التوظف في أفضل الشركات، التي ما عادت مواقعها تفرق بين خريج البترول وغيره.
هذه فضفضة أردت كتابتها لعلها تنتج شيئًا فيتقبلها مسؤولو الجامعة بقلب واعِ وينظروا في منهجية التدريس القائمة على صعوبة الاختبارات أو لعلها على الأقل تشحذ همة طالب مقصر فيعيد حساباته مع نفسه قبل أن يصدم بواقع مجد جامعة البترول الآفل.
…