انتهت الضجة الكبرى حول القبول في الجامعات ولم تنته المشكلة, عشرات المقالات كُتبت في الصحف, ومثلها من التصريحات والشكاوى, لكن المشكلة مازالت واقفة مكانها, هناك طلاب وطالبات لم يجدوا مكاناً من هذا العام ومن الأعوام الماضية, وهناك مثلهم من لم يجد التخصص الذي حلم به, وهناك من قُبل منتسباً وعُدَّ ضمن من قبلوا في الجامعة وهو خارجها, وهناك من وَجَدَ والده المال فألحقه بجامعة أهلية في الداخل أو الخارج أما المسكين الذي يبحث عن القوت فلم يجد ما يُعِين به ابنه أو بنته سوى الآهات وآنَّى لها أن تعوِّض شيئاً من الضياع.
أعجبتني عبارة صاغها الزميل سليمان العيسى في مقال له في جريدة (اليوم) ولقيت صدى لدى أكثر من كاتب ممن سُكِنوا بهموم الأبناء والبنات والآباء والأمهات, وهل الكتَّاب إلا قلب من قلوب تتقطع ألماً وحرصاً على فلذات أكبادهم بل أكباد هذا الوطن الغالي, تقول عبارة سليمان عن الطلاب الذين قصدوا أبواب الجامعات: (امنحوهم فرص القبول, فما خاب جيل يدرس, لكن ما أتعس جيلاً يصارع الفراغ).
ما أتعس جيلاً سيصارع الفراغ بل ما أتعس مجتمعاً سيتحول أبناؤه بسبب الفراغ إلى مشكلات يصنعها هؤلاء, فالشباب والفراغ مفسدة من مفسدات المجتمعات ما لم يأخذ أولو القرار بملء أوقاتهم بما ينفعهم وينفع أهلهم وبلادهم.
في ندوة عُقدت قبل سنوات في الرياض عن التعليم العالي وقف متفلسف يقول: إن أُتيح المجال لكل شاب ليدخل الجامعة سيكون كل الشعب جامعيين, وسرّني إذ ذاك ما ردَّ به الدكتور عبدالعزيز الثنيان عليه بقوله: وحسبك مفخرة أن نباهي بشعب متعلم لا شعب عامي.
الزيادة السكانية وتوقف نمو الجامعات هو السبب الرئيس في المعاناة, وقد عجبت عندما أعلنت إحدى جامعاتنا أنها قبلت هذا العام (1500) طالب وهو عدد يساوي عدد طلاب الثانوية المجاورة لمنزلي في الرياض.
اختبارات القياس التي يتباهى بها بعض مسؤولي الجامعات وكأنها فتح جديد لم يُسبقوا إليه لم تزد عن كونها مصدَّة من مصدات تدفق الجموع إلى الجامعات أما ما يقال عنها: إنها سبيل لقبول طلاب الشفاعات وإبعاد ذوي النسب العالية في الثانوية فهذا شأن يحتاج لتحقيق وتدقيق, ولكن النتيجة المؤكدة أنها لم تحلّ شيئاً في الموضوع مثل النسبة الموزونة أو المكافئة وقد نسمع في العام القادم أسماء جديدة وكأن امتحانات وزارة التربية على كثرتها غير دقيقة أو موثوق بها.
المطلوب الآن هو تقويم كل شيء من امتحانات وزارة التربية إلى امتحانات القياس إلى سعة الجامعات أمام تزايد خريجي الثانوية لنصل إلى إتاحة التعليم لكل راغب فيه بعيداً عن أي مؤثر آخر بما في ذلك ما يكرر من استيعاب سوق العمل, فنحن نعلم أن خريجي الفيزياء والرياضيات والطب والهندسة لا يجدون فرص عمل وليس خريجو الآداب والزراعة والعلوم الإدارية فقط.
للتواصل:عائض الردادي ص.ب 45209 الرياض 11512
فاكس: 2311053/01
AYEDHB@hotmail.com