مجير أم عامر (إلى النادي الثقافي)
رحم الله الأول إذ يقول :
ومن يصنع المعروف في غير أهله * يكن حمده ذما عليه ويندم
أو يبكي دمعا من دم…
منكر الجميل لئيم، وإنكار الجميل خساسة، ولا أراني أطوى قلبي على بغض يعدل بغضي لهذا الخلق المقيت، ولقد كان مما ابتليت به، أن لا أزال بين الحين والحين ،تجمعني أيامي بأناس لا يكادون يعترفون لأحد بفضل ولا يقرون بمنة. وفي عطلة هذا الأسبوع التي انصرمت ، خرجت من المسجد بعد أن صليت العشاء، فالتقيت بأحد الأخوة من الطلاب، حييته وحياني، واستنبأت عن حاله واستنبأ ، ثم لم نزل بالحديث نـنـفـتل به من موضوع إلى آخر، حتى انتهينا إلى أندية النشاط الطلابي ، فتطرقنا لما يقدمه الأخوان الأفاضل في النادي الثقافي- أقر الله أعينهم بما قدومه في مسابقة " قرة العيون" - تحدثنا في بعض ما يقدمه النادي، ثم مر الحديث بنا على مسابقة القصة والقصيدة والمقال، وكان مما هالني ،أن وجدت صاحبنا هذا يحاول أن يقذف في قلبي الشك في نزاهة تحكيم هذه المسابقات، مستندا إلى حجج واهية ، وظن آثم ، وأنا أنقل كلامه هنا بنصه ، ولا تثريب على إن شاء الله ، يقول هذا المتكلم بعد أن التهب على الوسوسة :"من الذي يحكم هذه المسابقات ؟ ولماذا لا تنشر المشاركات الفائزة كما يفعل في كل مسابقات الدنيا “، حتى إذا اشتدت به الوسوسة عاد فقال : " ثم لماذا يكون معظم الفائزين في معظم الأحيان بهذه المسابقات طلاب من النوادي ، إن لم يكن من الثقافي فمن الجوالة وإن لم يكن من هذين لم يخرج من الإجتماعي” !!!! سبحان الله كلام عجيب ، والعجب كله أن صاحبه رجل عاقل… لا نعلم من أين جاء صاحبنا بهذه الإحصائية التي أخبرته أن الفائزين دائما من طلاب الأندية ؟؟ ، ثم لماذا يستبعد أن يفوز طلاب الأندية بهذه المسابقات ، إنهم أقرب من غيرهم إلى ذلك، ولقد صحبتهم ولا أزال ، ورأيت فيهم أفرادا أفذاذا، وعرفت فيهم أدباء وكتاب وقاصين مهرة .وإن كنت لا أوافق هذا المتكلم في كل ما يقوله ، ولا أقره على هذا القدح الآثم ، ولكني لا أدفع كلامه كله ، طلبا للإنصاف،وعدولا عن الإجحاف بتجريده هو من الصواب تجريدا كاملا ،أما التحكيم و ما يتعلق به، فلست أعلم من الذي يتولى تقييم المشاركات وتقديم بعضها على بعض ، وسواء قامت بهذا اللجنة المشرفة على المسابقة ، أو أنيطت هذه المهمة بالأساتذة الأفاضل من أمثال الأمين وحسن القرعاوي ، ففي كل خير، وإن كنت مع القول بأن يحكمها الأساتذة ولو من باب دفع التهمة وسد الطريق على مثل هذا المتكلم المتخرص، وأن يعلن بأن التحكيم أوكل إلى فلان وفلان من الأساتذة. أما رأي صاحبنا في نشر المشاركات الفائزة فرأي سديد منطقي ، ولهذا سأسميه هنا صاحبنا المنطيق بدلا من المتكلم المتخرص…
والحقيقة أن هذا رأيي قبل أن أسمعه منه، ولطالما تسائلت لما لماذا تحجب المشاركات الفائزة هذا الحجب الحاجب، لأني مشغوف بالأدب شعرا كان أو مقالا أو قصة ، هذا ما يستند على رغبتي ونشوتي في قراءة الأدب وتتبعه، لكنها ليست السبب الذي أنكر له حجب المشاركات ، وإنما هو: أن السنة جرت في كل مكان على نشر ما يفوز من المشاركات، لأن في ذلك إطلاع للناس على المشاركة التي استحقت الجائزة ، كما أن في ذلك تكريما
لصاحبها يفوق بكثير ما يناله من مجرد ذكر اسمه ، هذا اسمه، فأين هي مشاركته؟! سؤال يأتي دويه من أعماق النفس الإنسانية ، ولا بد من أن يدوي ، ثم لا محيص من التخشع تحت رهبته ،في استكانة وخضوع ،لا لشيء إلا لأنه من النفس ، هذا الخلق المرهوب الجناب. ومن هنا فاني أقترح على أخوتي في النادي الثقافي مراجعة هذا الموضوع في ما بينهم ، واستبانة وجه الصواب فيه ، ومن ثم إذا هم أرادوا نشر المشاركات الفائزة فلن يعدموا المكان الذي تنشر فيه ، وهم من هم قدرات وإنجازات وتميزا ، ما أكثر الممكنات ، هنا في هذا المنتدى العامر، أو في جريدة الجامعة مزينة بصور أصحابها تشجيعا وتكريما لهم ورفعة لجامعتهم بهم ، متى ذهبت الجريدة خارجها وإنها لتذهب ، أو في السكن الطلابي ، أو تعلق على لوحة خاصة بالنادي عند مقره ، ما أكثر الممكنات ما أكثرها. أتمنى أن يجد ما اقترحته فضاء رحبا في صدور الأخوة القائمين على النادي الثقافي، وأن لا يضيقوا بهذه "الإنبراشة " (كما تقول العامة) فيما لا يخصني.
هذا وما اقترحته لا يعدو محله ، من كونه محض اقتراح ، إن أخذ به الأخوة أشهدوا الناس على فضلهم ، بقبول الحق إذا أتاهم ورأوا فيه أنه الحق ، وإن لم يأخذوا به ، فخلاهم ذم ، وهم أحرار فيما خولتهم الجامعة فيه ،
أما أن نبخسهم حقهم ، ونقدح في نزاهتهم ، كما فعل صاحبنا آنف الذكر، فهذا يعود بنا القهقرى إلى صدر الكلام،
لأنه إنكار للجميل الذي يقوم به الأخوة في النادي الثقافي ، في خدمة القرآن والسنة والأدب والثقافة عموما.
ولكن…
ومن يصنع المعروف في غير أهله**يلاقي الذي لاقى مجير ام عامر
وأم عامر كنية الضبع ، وقصتها معروفة ، وكأين من أم عامر بيننا…والسلام.